مقالات

مذكرات من الطفولة: احتفالاً بتاريخ Gran Turismo

تجمعني مع سلسلة Gran Turismo الكثير من الذكريات تمتد لـ25 عام، منذ أيام الجزء الأول على جهاز بلايستيشن الأصلي والجزء الرابع على بلايستيشن 2، وبعدها انقطاع لفترة مع جيل بلايستيشن 3 وعودة مع بلايستيشن 4 و بلايستيشن 5. ولكن أشد هذه الذكريات أحباً إلى قلبي تنتمي إلى الجزء الثاني Gran Turismo 2، وربما تكون السبب الرئيسي لاهتمامي بالسيارات خلال تلك الفترة وحتى الآن. في مقال مذكرات من الطفولة هذه المرة سأتطرق إلى ماضيي وطفولتي بلعب سلسلة جران توريزمو – محاكية قيادة السيارات الحقيقية.

 

ولادة من عشق للسيارات لا للسباقات:

بالرغم من قِدم جران توريزمو الأولى، وبساطتها مقارنة بما قدمه الجزء الثاني إلا أنها تبقى استعراضاً لِقُدرات جهاز بلايستيشن الأول. ففي وقت صدورها كانت استعراضاً للرسومات الثلاثية الأبعاد وعنواناً للواقعية في الألعاب، فتفاصيل السيارات الدقيقة عالية جداً مقارنة بما كانت تقدمه ألعاب السيارات في الأجيال السابقة. أقرب ما يمكن مقارنته معها هو لعبة أجهزة الآركيد SEGA Rally Championship، ولكن بالنسبة لي فلم أجرب لعبة SEGA الآركيدية في وقتها بالتسعينيات وكانت Gran Turismo باب دخولي إلى عالم ألعاب السيارات الواقعية ورؤيتها بشكل ثلاثي أبعاد على الشاشة. بالرغم من سُمعتِها كلعبة محاكاة؛ إلا أن الجزء الأول أقرب له للعبة سباقات آركيدية عن كونها لعبة واقعية في فيزيائية تحكُم السيارة وطريقة القيادة خصوصاً مقارنةً بالجزء الثاني.

مُصمِم اللعبة Kazunori Yamauchi مُحِب لثقافة السيارات كما أبدى في العديد من المقابلات التي تخُص السلسلة منذ نشأتها، وجران توريزمو الأولى كانت وليدة بيئة ترعرع بها في اليابان تُحِب السيارات كأسلوب حياة، وليس لِمُجرد التسابق. يمكن رؤية هذا الشغف الناجم من انتاج كازونوري في جميع ألعاب السلسلة، وبالخصوص في الاسم الكامل للجزء الأول من السلسلة: Gran Turismo – The Real Driving Simulator، انها محاكاة لقيادة السيارات وليست محاكاة لسباقات السيارات وهناك فرق في ذلك. وهذا ما تُعرف به السلسلة حتى الآن.

 

جران توريزمو 2 – تجمُع عائلي:

نهاية التسعينيات وبداية الألفية الجديدة كانت وقتاً مُختَلِفاً فيما يخص ثقافة الألعاب بعالمنا العربي مقارنة باليوم. فلم يَكُن بالسهولة التعارف على أشخاص مهتمين بألعاب الفيديو خلال المدرسة، ولم يكُن الانترنت وسيلة تواصل مفتوحة كما نعرفها الآن. لذا بالرغم من معرفتي لزملاء محبين للألعاب وإن كانت أعدادهم قليلة، فقد كانت العائلة المكان الأفضل لمشاركة حُب الألعاب.

كان أخي يتشارك معي عندما كنا نلعب ألعاب البلاتفورمر بجهاز العائلة Nintendo Entertainment System، ولكن هذه المرة مع جران توريزمو كان اللعب متشاركاً مع ابناء خالتي. كانت الزيارات العائلية عذراً وفرصةً لتمديد وقت اللعب خارج البيت، فلا يوجد أفضل من ترك يوم مليء بالواجبات المدرسية للهروب إلى عالم سباقات Gran Turismo 2.

لعبة Gran Turismo 2 هي لعبة عائلية بالنسبة لي حتى بمحتواها الفردي، فأغلب لعبنا لم يمكن بسباقات القرص الآركيدي الخاص باللعب بطور انقسام الشاشة، بل كانت بالقرص الخاص بطور المهنة GT Mode التي تُميز سلسلة جران توريزمو حتى يومنا هذا. بدايةً مع خوض اختبارات رُخص السباقات لتعلم أساسيات القيادة، ملحوقاً بالدخول لأول بطولة في اللعبة لكأس Sunday Cup واستمراراً مع اقتناء السيارات وتسلق سُلم الاحتراف بإنهاء البطولات وتجميع السيارات.

المحتوى الغني في الجزء الثاني يمتد لساعات طويلة كانت تبدو لا نهائية في طفولتنا خصوصاً بمقارنتها مع الجزء الأول. كان لعبي الأكثر مع ابن خالتي الأصغر، ولكن كان أخاه الأكبر عاشقاً أكبر للسيارات، وكان وسيلتنا لإنهاء السباقات الصعبة وسباقات القدرة كسباق 300 كيلومتر المكون من 60 لفة. كان كذلك يُعلِمُنا أساسيات استخدام المكابح خصوصاً عند فقد التحكم بالسيارة، ومازالت تلك النصيحة عالقة بذهني حتى اليوم.

بالإضافة للأيام العادية التي كنا نزور فيها خالتي، فكُنتُ أنتظر أيضاً المناسبات الخاصة التي كانت تُقام عادةً في بيتها. كانت أُمي تزورها قبلها بساعات طويلة للتجهيز، وكنت مصاحِبُها لأزور ابن خالتي لمواصلة اللعب على Gran Turismo 2. أيام الأعياد، وتجمعات حفلات الزفاف، والمناسبات العائلية كلها كانت مسبوقة بفترات لعب طويلة، وأحياناً اختلاساً للغرفة لمواصلة اللعب أثناء هذه التجمعات كذلك! وبما تعلموه حتى الآن من كلامي فتلاحظون بأننا كنا نلعب GT2 بشكل تعاوني بشكل كامل. فكان هناك غرض من إعادة نفس السباقات لأكثر من مرة، فلم يكن في GT2 حداً للجوائز التي تحصل عليها من البطولات، وخصوصاً البطولات التي تهديك سيارة كجائزة عند الفوز. كنت أُكرر السباق الذي أتمه ابن خالتي لأحصل على نفس السيارة لنتمكن من بيعها من أجل الحصول على الأموال. فكان الحصول على الأموال صعباً في جران توريزمو 2، وكانت هذه الطريقة المثالية لذلك؛ فلا يوجد إحساس بالتكرار عندما يقوم كُلٌ منا بأداء السباق لمرة أو أكثر على فترات متفاوتة وباستخدام سيارات مختلفة.

هذه لم تكُن المرات الوحيدة التي كنت ألعب فيها جران توريزمو 2، فبالإضافة إلى ما ذكرته كان لدي ملف الحفظ الخاص بي في ميموري كارد على جهازي. قُمت فيها بأداء اختبارات رُخص القيادة بنفسي، وإتمام السباقات وتجميع السيارات لوحدي. وكان لدي كذلك ملف حفظ منسوخ على ميموري كارد آخر كنسخة لما كنا نلعبه في بيت خالتي وكان هذا الملف بمثابة الكنز مع كمية الأموال التي أملكها والكم الهائل من السيارات القوية والثمينة والتحديات المُنتهية.

لا شك بأن هنالك سبب مُقنع لكون Gran Turismo 2 أسطورة ألعاب محاكاة السيارات. فكانت بمثابة القفزة من ناحية اختلاف أداء السيارات بتطور رهيب بميكانيكية التحكم بالسيارة وثِقلُها على الحلبة. كما ان اضافتها للعديد من حلبات السباق الجديدة ومجموعة من السيارات الإضافية كانت بمثابة الحلوى المصاحبة للوجبة الرئيسية.

ليست مجاملة بأننا أتممنا Gran Turismo 2 حتى النهاية بنسبة 100% بشرائنا لجميع السيارات، وحصولنا على الذهب في كل التحديات والسباقات والبطولات. وتبقى الذكرى موجودة لتلك الأيام بكُلِ مرةٍ تخطُر سلسلة جران توريزمو على بالي.

 

مقهى انترنت وبلايستيشن 2:

هل تتذكرون مقاهي الانترنت؟ صدر جهاز بلايستيشن 2 في عام 2000 وكانت أول لعبة جران توريزمو على الجهاز في عام 2001. لم أكن حينها أمتلك جهاز بلايستيشن 2 وكان معظم وقت لعبي ببيوت أصدقاء المدرسة. كما لم يكن يوجد لدي أنترنت في البيت حينها، أو كان موجوداً بشكل متقطع إذا كنتم تذكرون انترنت Dial Up قبل زمن انترنت DSL. وربما تكون كل هذه مصطلحات غريبة على جيل كامل من اللاعبين الحاليين. لأختصر هذه المقدمة، كانت مقاهي الانترنت تتيح خدمة التصفح مقابل أجر بالساعة، والمكان الذي زرته كان يملك أجهزة بلايستيشن 2 كذلك. كانت هذه المرة الأولى والأخيرة التي ألعب فيها Gran Turismo 3 وأتذكر انبهاري بمعرفة أنه يمكن ملئ خزان وقود السيارة خلال السباق! يالها من نقلة كبيرة عما كُنتُ ألعبه.

لم ألعب Gran Turismo 3 سوى المرة، وهي إحدى الفجوات بهذه السلسلة بالنسبة لي ولم أعُد لأُجرِبُها لاحقاً. فمع وقت صدور Gran Turismo 4 في 2004 كنت أملك أخيراً جهاز بلايستيشن 2، وتوجهت مباشرة للعب هذا الجزء الأسطوري الآخر من السلسلة. قد أكون متحيزاً بسبب تجربتي، ولكن GT2 وGT4 هما القواعد الأساسية لكل ما هو ممتاز في سلسلة جران توريزمو. حيث قامت Gran Turismo 4 بالبناء على ما قدمه الجزء الثاني بشكل أكبر، مع تركيز على نوع المحتوى الذي جعل من GT2 تبيع أكثر من 9 مليون نسخة.

والعودة مع Gran Turismo 4 كان يعني العودة إلى كل ما سبق ذكره عن تجربتي لـ Gran Turismo 2 مع ابن خالتي. كانت النقلة كبيرة هذه المرة في المحتوى مع إضافة العديد من السيارات التاريخية، وسباقات القُدرة الطويلة الممتدة لـ 24 ساعة. أمامنا بحر جديد من المحتويات لنغوص فيه. كانت المهمة أصعب، فمع المحتوى الأكبر يعني وقت أكثر للعب وجمع الأموال وشراء السيارات. وهذا كان بالضبط ما كنا نفعله. وكما كانت GT2 لعبة الطفولة لنا، أصبحت GT4 لعبة المراهقة لنا كذلك.

يعتبِر الكثير من اللاعبين جران توريزمو 4 بأنه الجزء المثالي وذروة ما وصلت إليه السلسلة. بالرغم من اتفاقي مع هذه الفِكرة بشكل تام، إلا أنني أرى Gran Turismo 2 تستحق هذا اللقب كذلك مقارنة بما كان مُمكِناً في جيلها. وأيضاً هناك جزء آخر سيأتي لاحقاً ينضم إلى هذه القائمة بالنسبة لي وقد يكون غريباً للبعض ولكنه يستحق اللقب للجيل الذي صدر عليه.

ما قدمتهُ GT4 لرسومات اللعبة انجاز كبير قد يكون صعباً وصفه حالياً. ففي وقت صدور اللعبة لم يمكن هناك ما يشبه هذه اللعبة من ناحية الرسومات الواقعية، ومع استخدام تكنولوجيا جهاز بلايستيشن 2، قامت استوديوات Polyphony Digital باستخلاص كل ذرة طاقة من الجهاز لجعل GT4 أكثر ألعاب السيارات واقعية من ناحية الشكل، ومن ناحية التحكم. فبعد تجربة GT4 ستشعر بأن ألعاب السلسلة السابقة أكثر انزلاقاً من ناحية التحكم وأقل واقعية بالمقارنة، فقد قامت Gran Turismo 4 بإعادة تعريف معني الواقعية في تحكم السيارات.

 

تجميع لتاريخ السلسلة في لعبة صدرت بالوقت الخطأ:

صاحَب الجيل الجديد تجارب جديدة من سلسلة Gran Turismo، ولكنها كانت فترة تركتُ فيها شخصياً ألعاب المحاكاة واقتصرت على ألعاب السيارات الآركيدية بشكل مبسط، فقد بدأ هذا التوجه مع ألعاب سلسلة Need For Speed على بلايستيشن 2. حمل معها جهاز بلايستيشن 3 تجارب عديدة لـ جران توريزمو مع GT5 بدايةً بنسخة Prologue في 2007 والتي استفادت من التقنية الجديدة المتاحة مع الجهاز لتضيف تفاصيل داخل السيارة عند استخدام الكاميرا الداخلية، وشهدنا بداية ما يُسمى بـ Premium cars. هذه السيارات تم تطويرها بالخصوص مع جهاز بلايستيشن 3، فعند استخدام كاميرا العرض الداخلية يُمكن رؤية مقود السيارة وتفاصيل المقصورة الرئيسية والمقاعد. عملية التطوير كانت طويلة وصعبة، لذا فقد قامت Polyphony Digital بتحويل موديلات السيارات من ألعاب سابقة كـ GT4 إلى GT5 Prologue ولكنها لم تحصل على نفس درجة التفاصيل بداخل السيارة، بل كانت عبارة عن تنقيح لما قام الاستوديو بالعمل عليه خلال الجيل الفائت. إضافةً إلى ذلك فقد كانت لعبة Gran Turismo 5 Prologue البداية الفعلية لأصل السباقات عبر الشبكة مع 16 لاعب، والتي بدورها تطورت لما نعلمه اليوم عن سباقات الأونلاين في سلسلة جران توريزمو.

بينما كانت GT5 Prologue بمثابة اللعبة التشويقية للجزء الأساسي، فقد صدرت اللعبة الكاملة Gran Turismo 5 في 2010 مصاحِبةً معها أكثر من 1000 سيارة والعديد من الإضافات التي جعلتها اللعبة الحصرية الأكثر مبيعاً في تاريخ جهاز بلايستيشن 3، حيث وصلت مبيعاتها لقرابة 12 مليون نسخة. كانت السباقات عبر الشبكة جزءاً كاملاً من تجربة GT5 ولكنها لم تكن الإضافة الوحيدة، فقد تم إضافة قوالب جديدة للسيارات فيما يخص الضرر الشكلي الملحوق بالسيارة عند الاصطدام، كما تمت إضافة خاصية جديدة لِصُنع الحلبات، والأهم بأنه قد تم تطوير فيزيائية السيارات لجعلها أكثر واقعية مما كانت عليه سابقاً. شخصياً لم تكن لي تجربة مع هذا الجزء بسبب تركي لألعاب السيارات لفترة من الفترات والجزء الخامس عبارة عن فجوة أخرى بتاريخي مع السلسلة بعد GT3.

Gran Turismo 6 كانت أكثر جزء رئيسي غريب في السلسلة ويعود ذلك بشكل كبير إلى وقت صدور اللعبة. 6 ديسمبر 2013، بعد أسابيع من صدور جهاز بلايستيشن 4… وكانت GT6 حصرية لجهاز PS3 فقط. كان موعد إطلاق جهاز بلايستيشن 4 في الأسواق العربية متأخراً عن باقي الدول لذا فقد كانت GT6 بمثابة اللعبة النهائية لأجهزة بلايستيشن 3. ولكني شخصياً كنتُ مُستعِداً للانتقال إلى الجيل الجديد مع تجارب جديدة ومختلفة، فضاعت GT6 بوسط هذا الانتقال ولم أفكر بتجربتها حينها.

لكنها لم تكن النهاية، فعُدتُ إلى Gran Turismo 6 في عام 2019 بعد 6 سنوات منذ اطلاقها. وفي الحقيقة، كانت تجربة ممتعة جداً لم أكن أتوقعها. لم يكن الكلام عن GT6 تحت ضوءٍ لامع حين صدورها، فأكثر الكلام كان عن كونها بجودة أقل عن باقي ألعاب السلسلة، وعن إعادة استخدامها لقوالب قديمة من السيارات مأخوذة من أجزاء قديمة لم يتم التطوير عليها، وعن كيف تملأ اللعبة المشاكل التقنية. ولكن كانت المفاجأة عندما اكتشفت المحتويات المتوفرة في اللعبة واستمتعت بطريقة النظام الجديد المستخدم للعب الفردي، فقد كانت كل عناصر السلسلة موجودة ولكن بشكل جديد وطريقة محدَّثة.

بداية Gran Turismo 6 موجهة بشكل أكبر، حيث تدفعك اللعبة لاقتناء سيارة معينة والبدء بأول بطولة بمجرد دخولك إلى اللعبة. فهي مختلفة مقارنة بالحرية الكبيرة التي تعطيها الأجزاء السابقة في البداية، ولكن هذه مجرد البداية. نظام اللعب الجديد يتيح البطولات بشكل أساسي وعند انهائها والحصول على “النجوم” فسَتُفتح أمامك الخيارات ويصبح بإمكانك الخوض بتدريب السياقة الأول بعد إنهائك لثلاث بطولات. اللعبة مقسمة إلى أجزاء ولا يمكن تجاوزها كما كانت في GT2 مثلاً. فمع GT6 لا يمكن خوض تدريبات رخصة السياقة كلها والدخول إلى أي بطولة تُريدها وقتما شئت، بل التركيز في هذا الجزء هو لأخذك خطوة بخطوة بشكل متسلسل. فالبطولات الأولية تحتاج إلى رخصة National B وعند اتمامك لهذه البطولات والحصول على العدد المطلوب من النجوم فتقوم بفتح الخيار للتقديم على رخصة National A والتي بدورها تهيؤك لمجموعة جديدة وأصعب من البطولات.

أصبح نظام تدريب السياقة جزءاً من البطولات فعليك أخذ الرخصة قبل أن تُفتح لك الخيارات للمنافسة في البطولات. طبعاً تحتوي كل أجزاء جران توريزمو السابقة على نفس النظام ولكن طريقة التقديم اختلفت في هذا الجزء ولعلها تكون مُغلقة أكثر ولا تتيح الحرية التي كانت موجودة مع الأجزاء السابقة. أما نظام البطولات فهو كما اعتدنا من جران توريزمو، فهي سباقات مصنفة بحسب قوة السيارة، ونظام الدفع للإطارات، ومكان المحرك، وسباقات بلد التصنيع، وسباقات سنة التصنيع. كُلُها موجودة فهناك محتوى كبير لأي لاعب ليستمتع بكل ما تقدمه GT6.

وبالحديث عن المحتوى، فلعبة Gran Turismo 6 تحتوي العدد الأكبر من السيارات مع أكثر من 1200 سيارة مختلفة، تجمع السيارات المُفضلة بأشكالها وأنواعها. لكن كما كانت GT5 Prologue وGT5 تُقسِم السيارات إلى Premium Cars وSimplified Cars فكذلك الحال في GT6. ما يعنيه ذلك بأن هناك سيارات ذات تفاصيل قليلة جداً مقارنة بسيارات أخرى تم تطوريها على جهاز بلايستيشن 3. فَلِتصل GT6 إلى هذا العدد الهائل من السيارات فقد استعانت باستيراد بعضها من ألعاب قديمة في السلسلة كلعبة Gran Turismo على جهاز بلايستيشن المحمول PSP. لذا فقد كانت السيارات العادية هذه لا تحتوي على تفاصيل داخلية لمقصورة القيادة عند استخدام كاميرا العرض الداخلية. ولكن بالنسبة لي، لم يكن هذا الأمر مُهِماً في 2019، فكل تفاصيل السيارات في GT6 لا تبدو كما رأيناه في GT Sport، فكُلها تبدو قديمة الآن وكان سهلاً التأقلم عليها.

بالرغم من كل ذلك، فقد استمتعت جداً بتجربتي لـ جران توريزمو 6. المحتوى هو الفائز الأكبر في هذه اللعبة بلا شك، فبالإضافة لكل ما سبق وصفه فأن اللعبة بعد التحديثات قدمت العديد من التحديات الجديدة، فكم من لعبة محاكاة سيارات أخرى تتيحُ لك فرصة القيادة على سطح القمر بسُدس جاذبية الأرض؟ GT6 تتيح ذلك.

بالنسبة لي فأن Gran Turismo 6 تستحق بأن تكون من ضمن الألعاب الأعلى مستوى في تاريخ السلسلة، مصاحِبة لكل من GT2 وGT4 مع كمية المحتوى المُمتع، ومحافظتها على أساسيات وقواعد السلسلة ولكن بطريقتها الخاصة. أتمنى بأن تكون Gran Turismo 6 من الألعاب المتوفرة ضمن خدمة بلايستيشن بلس الجديدة لِتُتيح فرصة لعدد أكبر من اللاعبين بتجربتها، وربما بإرجاع سيرفرات الأونلاين لتعود المنافسة عبر الشبكة مجدداً. لكن تطور القيادة مع الأجزاء الجديدة يجعل الرجوع إلى GT6 صعباً قليلاً.

توجه جديد مع عودة لاحقة بنكهة الماضي:

جيل جديد يعني توجه جديد لسلسلة جران توريزمو هذه المرة. ما كان يُميز جهاز بلايستيشن 4 هو خصائصه الاجتماعية التي ركزت سوني عليها كثيراً بنظام واجهة المستخدم وبعدد من ألعابها الحصرية الأخرى، كلعبة السيارات الأخرى DriveClub التي ركزت على مجتمع السيارات وتكوين الأندية الخاصة بالقيادة مع الأصدقاء. كذلك فأن توجه Gran Turismo الجديد لاحقاً أصبح على البطولات الالكترونية والتحديات عبر الشبكة بصورة كبيرة.

Gran Turismo Sport هي الناتج النهائي لما يمكن وصفه كفكرة كازونوري لدخول عالم البطولات الرسمية بالتعاون مع الاتحاد الدولي للسيارات FIA. ولم تكن البداية سهلة للعبة GT Sport حيث طالتها الانتقادات الكثيرة من لاعبي السلسلة القدامى حول هذا التوجه الجديد والابتعاد عن محتوى اللعب الفردي الذي ميز جميع أجزاء السلسلة سابقاً. وأتفق شخصياً مع هذا الانتقاد، إلا أنه عادت GT Sport لتُقدم المزيد من المحتويات الفردية لاحقاً مع التحديثات. لم يمنع ذلك Polyphony Digital من مواصلة دعم اللعبة مع التركيز الرئيسي على البطولات العالمية التي استمرت طوال فترة اللعبة وأنجبت العديد من أبطال العالم في مجال الرياضة الالكترونية لألعاب السيارات. وكذلك مع المحتوى الأسبوعي لتنويع السباقات عبر الشبكة مع الفئات المختلفة المتوفرة، والتي بدورها مستمرة بشكل من الأشكال في خليفتها.

كما كانت Gran Turismo Sport موسوعة شاملة لتاريخ السيارات وشركات التصنيع وماضي رياضة السباقات. كانت جميع أجزاء السلسلة السابقة تُركز على عرض وصف للسيارات وتاريخها، ووسعت GT Sport على تلك الفكرة بإضافة متحف من المعلومات التي يمكن الإطلاع عليها، ولا تقتصر فقط على السيارات بل وحتى على الأحداث العالمية المُهِمة. هذا المتحف كفيل بإعطائك فكرة بأن كازانوري عاشق لكل الأحداث المتعلقة بالسيارات ويرغب بمشاركتها مع جميع من يلعب Gran Turismo حباً للسيارات.

وأخيراً، وصلنا الى ذكرى 25 عام على صدور سلسلة Gran Turismo والتي حصلنا من خلالها على Gran Turismo 7 لجهاز من الجيل الخامس لأجهزة بلايستيشن. بالرغم من تواجد اللعبة على كل من جيلي PS4 وPS5، إلا أنها تستغل طاقة الجهاز الجديد بشتى الطرق من ناحية خفض أوقات التحميل ومزايا وحدة التحكم الجديدة DualSense. مازالت الصفحات تُكتب لما ستُعرف به GT7 ضمن تاريخ السلسلة، ولكن يمكننا التحدث عن بداية هذه الرحلة.

Gran Turismo 7 عودة لنظام الألعاب الفردية بنكهة الماضي ولكن مع توجه جديد، فقد تتشابه GT7 بطريقة استخدام الخارطة الرئيسية لنظام القوائم في ألعاب السلسلة الأولى إلا أنها تُقدم ما يميزها عن سابقاتها بدمجها لأشياء جديدة تواجدت بالمحتوى الفردي المُضاف إلى GT Sport ومحتوى جديد بالكامل حصري لـ GT7. بالخصوص في نظام المقهى وتجميع السيارات. لذا فنظام اللعب الهجين هذا يضيف سياق خاص للمحتوى الفردي بهدف تجميع السيارات والدخول بها إلى السباقات والبطولات، ولكن الأهم التعرف على تاريخها واختلافاتها عبر السنوات.

تُرجع GT7 أيضاً الحرية المُطلقة في تدريبات رُخص السياقة، فبات بالإمكان أخذ جميع الدروس كدفعة واحدة من رخصة National B وحتى رخصة Super. ولكن هناك تقييد من ناحية اختيار السباقات بترتيبها، فكما ذكرت بأن المقهى وتجميع السيارات هو أساس اللعب الرئيسي، فترتيب السباقات مقتصر على انهائك للمهمات المطلوبة من المقهى. هناك بعض اللخبطة في قوائم المحتوى الفردي، فالسباقات مقتصرة على اختيار الحلبات والتي تكون مقفلة ببداية اللعبة. لكن الترتيب مازال كما كان بالأجزاء السابقة بدايةً مع سيارات الشوارع ومن ثم السيارات الرياضية وأخيراً لسيارات السباق ضمن الفئات الأعلى. بالإضافة إلى السباقات الفردية والبطولات، فأن GT7 تُرجع كذلك التحديات عن طريق فئة خاصة تقدم تحديات لتجاوز السيارات الأخرى خلال مقاطع معينة من الحلبة، أو كسر حاجز السرعة القصوى باستغلال الفجوة الهوائية Slipstream، أو انهاء سباقات السرعة Drag Races وغيرها من التحديات الممتعة التي تكافؤك بالأموال والجوائز.

وعادت تجارب تعلم الحلبات في Circuit Experience التي من خلالها تحاول كسر الأرقام الخاصة بمقاطع الحلبة وثم تقوم بإتمام لفة كاملة حول الحلبة تتعلم من خلالها أماكن كبس المكابح وطريقة الإمساك بخط التسابق. طالت الانتقادات مجدداً للعبة GT7 بالأسبوع الأول من إطلاق اللعبة بشأن قلة الأموال التي تحصل عليها من السباقات مقارنةً بأسعار بعض السيارات التي تتخطى الملايين للسيارات التاريخية، لذا في غضون الشهر الأول من اللعبة حصلنا على تحديث جديد يضيف إمكانية الحصول على عدد كبير من الأموال بإتمام Circuit Experience وحسنت من نظام الاقتصاد في اللعبة.

للأسف مازالت مشكلة الحاجة للاتصال بالأنترنت للتمكن من لعب جميع محتويات اللعبة مشكلة موجودة، ولن أعتقد بأنه سيوجد حل لها. تواجهني مشكلة مع مُحول الشبكة الذي استخدمه تتسبب بفصل الأنترنت عن أجهزتي لفترات متفاوتة وبأوقات عشوائية خلال اليوم، وقد واجهت هذه المشكلة أكثر من مرة خلال فترة لعبي لـ GT7. وفي كل مرة يتم طردي من البطولة أو اختبار رخصة السياقة والعودة بي إلى القائمة الرئيسية بسبب انقطاع إشارة الانترنت لدقائق. لحسن الحظ فعند انهائي لسباقين من أصل 3 في إحدى البطولات قبل ان يتم إرجاعي للقائمة الرئيسية فقد قامت اللعبة بحفظ مراكزي خلال أول سباقين، وعندما رجع الاتصال بالأنترنت تمكنت من المواصلة إلى السباق الأخير في البطولة دون مشاكل. ولكن للأسف فأن جميع المحتويات الفردية الممتعة في GT7 مقيدة بهذا النظام الغريب وهي مشكلة أكبر برأيي من عدد الأموال التي كانت تُعطى للسباقات. أتمنى أن يتم النظر إلى هذه المشكلة، فمن المؤسف أن تُفقد هذه اللعبة من السلسلة مستقبلاً بسبب اغلاق السيرفرات.

أما من ناحية تقنية، فأن GT7 تستفيد بشكل كبير من سرعة التحميل في أجهزة بلايستيشن 5 وخصوصاً عند مقارنتها بما كانت عليه أوقات التحميل في لعبة كـ GT6 على جهاز بلايستيشن 3. فبات سريعاً جداً الانتقال بين القوائم والدخول إلى السباقات بوقت أقل يتيح لك المزيد من الوقت لتقضيه داخل السباقات وتجربة السيارات. كما أن استخدام خاصية الاهتزاز Haptic Feedback يضيف الكثير للإحساس بالسيارة أثناء القيادة، خصوصاً عن طريق الإحساس بالإطارات ومدى انزلاقها والتي بدورها تجعلك تحاول السياقة بطريقة أفضل لتقليل انزلاق الإطارات وبدوره بتقليل أزمنتك خلال السباق. ولكن الأهم من كل ذلك هو مدى تطور نظام القيادة نفسه حتى مقارنةً بـ GT Sport التي صدرت في 2017، فالقيادة أكثر واقعية ويوجد إحساس بوزن السيارة بشكل أكبر.

مازالت Gran Turismo 7 في بداية حياتها، فقد مر على اللعبة شهر فقط بوقت كتابتي لهذا المقال. فكما رأينا إضافة محتويات لعب فردي جديدة مع التحديث الكبير خلال الفترة الماضية، فأتأمل بأن يكون المستقبل مشرقاً لـ GT7 مع حصولنا لمحتويات أكبر من ناحية حلبات السباق الجديدة، بطولات جديدة، وإضافة أنواع أكثر من السيارات. تحتوي اللعبة حالياً على 420 سيارة فائقة التفاصيل الخارجية والداخلية، لذا مازلنا بعيدين عن الـ 1200 سيارة في GT6، ولكن أتمنى ان نصل إلى نصف ذلك الرقم خلال السنوات القادمة. وكذلك الحال بالنسبة لحلبات السباق، وأتمنى بأن نرى بعض من حلبات الدول العربية مستقبلاً في اللعبة.

Gran Turismo 7 تُقدم بداية مُشرقة يجعلها تستحق مركزاً من ضمن الألعاب الأعلى جودة بتاريخ السلسلة، وأتمنى بأن يتم المواصلة على ذلك من ناحية المحتويات مستقبلاً. وإن كان هناك استوديو يستحق الثقة فأعتقد بأن Polyphony Digital برئاسةKazunori Yamauchi يستحقون هذه الثقة ليواصلوا تقديم المزيد خلال السنوات القادمة.

ذكريات رحلة مضت:

رحلتي مع سلسلة Gran Turismo كانت طويلة وشهدتُ الكثير من الذكريات خلالها، فمع كل جزء جديد تُعيدني الذكريات إلى أيام مضت مع Gran Turismo 2 وماتعني لي تلك اللعبة ليس فقط لكونها مُجرد لعبة. إحدى السلاسل العريقة في تاريخ بلايستيشن ككُل، وتظل ألعاب هذه السلسلة الأكثر مبيعاً في تاريخ أجهزة بلايستيشن السابقة وسبباً لعشق الكثيرين بالسيارات والسباقات. وهدفي من مقال مذكرات من الطفولة مشاركة الجميع بما تعني لي هذه السلسلة، ونظرة على ما قدمته الأجزاء الرئيسية السابقة كذكرى على مرور 25 عام على GT.

 

 

 

شكر خاص للداعمين على Patreon لشهر أبريل 2022:

MSH – داعم من المستوى الثالث

DigitHack – داعم من المستوى الثالث

 

علي الساهي

كاتب مهتم بعالم الألعاب والترفيه الواسع، أحب نشر شغف الألعاب مع الآخرين من خلال المقالات والنقاشات والمراجعات. لا أقتصر على ماهو جديد فقط بل أحب التعمق في الماضي وتجربة ما فات. الاستمتاع بما أقدمه هو غايتي.
زر الذهاب إلى الأعلى