بعد إنقطاع ما يقارب الثلاثة سنوات، تعود إلينا يوبيسوفت بجزء جديد من سلسلة أساسين كريد تحت مسمى “السَّراب” تدور أحداثه في بغداد حقبة الدولة العباسية الذهبية، وهذه المرة تم التسويق لهذا الجزء على أنه سيعيد السلسلة لأمجادها ويزيل عناصر الRPG والتعقيدات التي لم تعجب محبيها لتعود إلى بساطة الأكشن، مغامرات. كما أنها ستكون إحتفالية بمناسبة مرور خمسة عشر عامًا منذبدئها، فهل كانت جديرة بإرضاء عشاق السلسلة الأصيلين أمثالي؟ وإن تمكنت من الرجوع لجذورها فهل قدمت ماهو جديد، أم كانت المزيد من نفس الشيء؟ وما مستوى الإضافات والأفكار الجديدة التي تمت على أنظمة اللعب؟ وأخيرًا ما مستوى ودقة تجسيد الحقبة التي تبنتها؟ كل هذا وأكثر سنتعرف عليه في هذه المراجعة الفنية بإذن الله تعالى.
تصدر أساسين كريد السَّراب يوم غد ٥ أكتوبر على أجهزة البلايستيشن ٤/٥، أكسبوكس ون، سيريس اس/أكس، والحاسب الشخصي، ولونا، ومن المقرر إطلاقها مطلع العام القادم لأجهزة آيفون 15. وهذه مراجعة إتحاد اللاعبين العرب مكتوبة بعد قضاء 25 ساعة من نسخة وفرها الناشر لنا، وتمت تجربتها بالكامل على جهاز البلايستيشن ٤.
باسم بن إسحاق من لص فقير، إلى مستتر خبير! (القصة)
تمامًا كما في الأجزاء الخوالي تبدأ القصة بسرد حياة البطل قبل أن يصبح عضوًا في منظمة الأساسين، لكن هنا لم يكن هناك أساسين بعد، بل يدعونهم بال”مستترين” ومقرهم يقع في آلموت. مستوى البداية أراها بنفس الجودة والهوك التي تصنعه Unity و 2 حتى التوازن والنمط بين اللعب والقصة.
تبدأ القصة بعرض ماضي باسم وتستمر مرورًا بمراحل تطور البطل التي يتم سردها من منظوره إلى أن تنتهي بعد تطورات كثيرة يمر بها بطلنا. استغربت من عدم وجود أي شيء يتعلق بالزمن الحاضر على عكس ما أعتدنا عليه من الأجزاء الخوالي. عمومًا فكرة القصة الأولية بسيطة وإعتيادية لحد ما، بدايتها ونهايتها جيدة، ولكن ما يتم البناء عليها من أحداث وشخصيات تضعفها كثيرًا رغم جودة أساسها والبوتنشل الذي عندها، ويعوض ذلك ذروتها تشدك لمعرفة إلى ما ستؤول إليه الأمور.
سرد القصة تطور بفضل نظام الاستقصاء الجديد الذي يتكون من مخطوطة موزعة فيها الأهداف بدوائر كبيرة، وما له صلة فيها يلتف حول الهدف بدوائر صغيرة، والأهداف الكبيرة نفسها قد تدل على أهداف أخرى إما بحجمها أو أكبر منها وهنا تترابط فيما بينها بخيوط رفيعة. وهذا النظام له عدة فوائد منها سهولة مراجعة الشخصيات والأحداث، وكذلك فهم المجريات والترابطات بين الأحداث على نحوٍ يسير -حتى مع لخبطة اللعبة وضعف أحداثها في المنتصف-. ليس هذا فحسب بل أن نظام المهام وجمع الأدلة فيها رغم تداخلاتها الكثيرة -خاصة عند تقدمك- لكنك لن تشعر أبدًا بالضياع أو العشوائية، حتى عندما تتعقد الشجرة وتُخير بين الأدلة التي ستعثر عليها أولًا. وبهذا أجد أنه نظام موفق للسلسلة وإضافة جميلة حقَا تستحق الثناء.
الشخصيات جيدة بشكل عام لمستوى الواقعية اللابأس به والتميز الطفيف في سماتها وحواراتها لكن هناك خللًا واحدًا منع الأحداث والشخصيات أن تصل لمستوى الإمتياز، فبالرغم من ترابطات القصة الجيدة وسردها الممتاز وأكثر ما يميزها الحوار القيم، فإنها تفتقر لأحداث محورية أكثر تعطي شعلة حماس وتبني الشخصيات الأخرى التي مع باسم بشكل أكبر، فأرى لو أن قبل أن تأخذ مهام التحقيقات أو تتبين من ماهية هدفك، لو كان هناك أحداثًا أكثر تُطلِعك على فظاعة أفعال أهدافك بشكل عملي في المدينة أو على معارف باسم أو من يحقق عندهم من خلال أحداث، أو تداخل فيما بينها كأن يحدث شيء أثناء تنفيذك مهمة معينة، كان ذلك سيعطي وقعًا أكبر للأعداء ويحسن جودة القصة والشخصيات بشكل كبير ككل، ولكنها تبقى مقبولة عمومًا وليست إعتيادية أو ضعيفة تمامًا، وبها جوانب تميزها كحواراتها التي ليس بها تمطيط. كانت عندهم الفرصة لتقديم مستوى ممتاز أو حتى رائع لو كان بناءها وأحداثها أكثر ووقع المآسي مباشر وليس أن تكون كثيرًا منها بحوثات وتحقيقات لأحداث ووقائع ما خلف الستار، وهذا الشيء تمنيته تحديدًا في منتصفها.
أما النهاية والذروة فهما أجود مافي القصة، نعم القصة في المنتصف قد لا تصل لأفضل مستوى ممكن بالأحداث والتطورات، لكن النهاية تستحق الوصول إليها وستشعر بالرضا بعد أن تراها، وربما تكون من أفضل نهايات السلسلة مما لعبته، أما عن رسائل اللعبة ومغازيها فهي فاجأتني قليلًا ولم أتوقع مغذى جيد كهذا، لا أستطيع ذكره للحرق، لكن عمومًا كون النهاية والذروة ممتازة لا يبرر مشاكل القصة الأخرى.
وأخيرًا أذكر أن الإخراج ممتاز بزوايا الكاميرا الإحترافية والأجواء البديعة من حولك، كذلك بلاغة النص المكتوب المتناسب مع تلك الحقبة، والدبلجة الفصيحة الممتازة، مع إمتياز خاص رائع لشخصيتان باسم ونهال من وجهة نظري بسبب قوة التعبير عند مؤديهم وحسن التقمص بقوة، وليت تواجدت المزيد من الأحداث التي تضطر الشخصيات للغضب أو الندم أو إظهار مشاعر أكثر بشكل بارز وأكبر وكذلك لو كانت العلاقات بين الشخصيات وباسم أكثر تعقيد.
اللعب وأركانه ( الإستكشاف والباركور، التجسس والإغتيالات، المعارك)
من أهم ما جعل سلسلة أساسين كريد تحظى بالإعجاب والنجاح الذي هي عليه بنظري هو أساس اللعب المستوحى من أمير بلاد فارس بالأصل، وهو فكرة استطاعتك تسلق كل ما حولك مما يخلق تفاعلًا ملموس بين اللاعب والبيئة المحيطة به ويفتح المجال للعديد من الأفكار المميزة وضعها بالمهام واللعب، بالإضافة إلى أفكار أخرى في تصميم التجسس والاغتيالات تضع لها بصمة تميزها.
اللعب فيه تنوع بآلياته وبالإمكان فرزه إلى قسمين، قسم الاستكشاف والآخر للاغتيالات والتجسس، وكلاهما ستستخدم التسلق فيهما ويتداخلان بشكل أو بآخر وهذا شيء جيد.
الاستكشاف
لعل أبرز الإضافات للاستكشاف هو الصقر الذي اُضيف لأول مرة في Origin ويسمح لك بمسح المنطقة بسهولة والبحث عن الفعاليات المميزة في العالم بسلاسة، وله استخدامات أخرى. كما أن له قسمًا كاملًا بشجرة المهارات تزيد من استخداماته وفعاليته في لعبك. للأمانة لم أكن أستخدمه في بادئ الأمر في الاستكشاف ولم أجد له تلك الفائدة نظرًا لبساطة المهام وسهولة الوصول للأهداف في أول اللعبة، لكن بعد إحراز تقدمًا في اللعبة ستضطر لكشف المناطق المعقدة والمتداخلة، والبحث عن معدات معينة، لهذا ستستخدمه لاختصار الوقت بشكل أكبر وتسهيل العمليات، وحقيقة جانب الاستكشاف ذكرني بذا ويتشر 3 مع تصميم وآليات أجدها متفوقة بمراحل لكونها لا تضيعك بمتاهات بسبب مشاكل التصميم والهندسة. فهنا التصميم معتنى به والمعطيات متوازنة ومنطقية/ لهذا الاستكشاف عنده لذة خاصة وتنوعًا جميلًا بين مهام التجسس والاغتيال الرئيسية، فمثلًا مهام التحقيق أو البحث تعطيك تلميحات عن موقع المكان ويتوجب عليك أحيانًا تحديد الموقع والبحث عن المطلوب بنفسك باستخدام إما الصقر في حال كانت البيئة ملائمة أو عين الصقر في حال كنت داخل مبنى مغطى، وفيها متعة حقيقية نظرًا لأنها لا تلقنك غاياتك مباشرة وبنفس الوقت لا تضيعك وتدخلك بعشرة جدران.
الصقر جيد وسلس، لكن عنده مشكلة واحدة وللأمانة ليست مشكلة قدر أنها نقطة كانت لتجعله يصل لدرجة مميزة أكثر وهي أن تكون قادرًا على التبطيء من سرعته، لأني أجد أنه في الأماكن الضيقة في المدينة استخدامه فيه شيء من الصعوبة أو ليس بسلاسة استخدامه أثناء التجسس وبالأماكن الكبيرة.
التسلق والباركور
على عكس فالهالا وأوديسي عاد التسلق المرن ليصبح جزءًا كبيرًا وأساسيًا لا تكاد تمر دقيقة من وقت لعبك إلا وتستعين بآلياته سواء بالإستكشاف، أو بالتجسس، أو حتى أثناء المعارك والهروب. التسلق يقترب من مرونة أساسين كريد “يونيتي” مع تحسين طفيف في آلية الحركة والتسارع التي تجعله الأكثر إتزانًا بالسلسلة في نظري، فهو ليس كسرعة وسلاسة يونيتي تمامًا، وبالوقت ذاته ليس كثقل ثلاثية إيتزيو، له خليط بالسرعة والمرونة يوازن بين كل السرعات السابقة ويضيف لمسته اللطيفة بالمرونة والسرعة والسلاسة. وأفضل مافيه أن رغم تداخل الأوامر وكثرتها فصعب أن تقوم اللعبة بأمر لا يريده اللاعب والسبب في ذلك يعود بدقة الحركة وسرعة الاستجابة، فحتى مع تداخل أماكن التسلق من حولك وتعدد الأوامر التي تستطيع فعلها، فغالبًا ستصيب، لكن للأمانة أحيانًا هناك أخطاء بسيطة قد تحدث، لكنها لا تُذكر. وتصميم بغداد والمهام ساهم بشكل كبير في إستغلال هذه المرونة، وكثرة أماكن التسلق وتنوعها، وسأفصل أكثر في فقرة العالم وتصميم المراحل بإذن الله، وهناك العديد من الإضافات الطفيفة المرحب بها كإمكانية رؤية ما بداخل النافذة دون الإضطرار للدخول مثلًا وغيرها من مزايا بسيطة زادت سلاسة اللعب بصفة عامة.
التجسس والاغتيال
وهو أهم جانب من اللعب حيث تجتمع عنده كل فوائد الأنشطة والتطويرات. التجسس وأساساته تمامًا كالأجزاء السابقة من ناحية الآليات والأدوات الفريدة، مع إضافة كبيرة ترتبه وتحسنه ألا وهي التطويرات لهذه الأدوات. تنقسم التطويرات لثلاث أقسام لكل أداة يتضمن في كل قسم ثلاثة مهارات يمكنك إختيار واحدة من كلٍ منها لتشكل مزيجًا من المهارات على حسب خططك وطريقة لعبك. وهذه المهارات التي تفتحها لهذه الأدوات تفتح مجالات إستراتيجية في اللعب كالتسميم في القنابل وبالوقت ذاته إلغاء الإنذار والدخان القابل للإشتعال على سبيل، والمثال هذا من إحدى التشكيلات التي بالإمكان اختيارها. وأي خلطة أخرى يمكنك ابتكارها شرط أن تكون قد طورت الأقسام بالترتيب، أيّ أن عليك تطوير الأول فالثاني فالثالث، ويمكن تطوير كل قسم من خلال موارد تكسبها من الأنشطة في العالم ومهام العقود.
أما من ناحية الترتيب فأرى من الجيد جمع كل ما يتعلق بالأداة ضمن مهاراتها وإضافة أفكارًا مميزة عليها، فبدل من أن يكون هناك السكاكين السامة والعادية كأداتين منفصلتين سابقًا، أصبحت السكاكين السامة مهارة داخل قسم من أداة السكاكين عامة، وجمع الكثير من مهارات هذه الأدوات من شتى أجزاء السلسلة والإضافة عليها مما شكَّل خليطًا جيدًا مجملًا.
وأخيرًا وليس آخرًا فكرة فتح خانات للأدوات التي بحد ذاتها ذكية وتجعل كل شخص يركز على الأداة الذي يجدها الأنسب لفتحها أولًا، والتركيز عليها عند التطوير نظرًا لندرة الموارد وحاجتك لتنفيذ العديد من الأنشطة الجانبية كي تحصل على مايكفي منها، كما أن فتح خانات لأدوات أخرى يتطلب نقاط خبرة لشرائها من شجرة المهارات الخاصة بباسم، التي بالمناسبة أعدها الأفضل بالسلسلة لكونها كانت أكثر من مجرد أخذ آليات قديمة وتحويلها لمهارة تقوم بتطويرها، فهنا تتضمن العديد من الحركات والآليات الجديدة التي تنفتح من خلال مهارة تقوم بتطويرها أو لو لم تكن آلية جديدة فتكون تطوير لآليات اللعب تزيد من الحرية المعطاة. فمثلًا فتح خانة لأداة جديدة عبارة عن قسم من أقسام الشجرة، مهارات النسر وفعاليته في قسم آخر، مهارات الإغتيال والتجسس في القسم الأخير.
لم أجرب جميع تطويرات الأدوات لكني ركزت بشكل كبير على القنبلة الدخانية أثناء لعبي ووجدت سلاسة كبيرة في استخدامها وتناغمها مع الآليات الأخرى، حتى أشياء كالسكاكين أصبحت أكثر فاعلية وتداخل من ذي قبل بسبب تفاعلك مع البيئة وتصميم المراحل الذي يفيدك بفتح فرص ومجالات إضافية للعبك وسأتطرق لذلك بعد قليل.
من الإضافات القيمة والرائعة كذلك هي إمكانية دمج الأدوات باختصارات سلسة مما يعطي أقصى درجة ممكنة من الإبتكار بإستخدام الأدوات والخلط بينها في مختلف المواقف التي تكون فيها بحاجة لأكثر من أداة لغرض معين يفيد موقفك!
حركة باسم سلسة ومرنة بشكل كبير ومعتناة بها مع عصا التحكم مما يجعل حركته دقيقة، الاغتيالات من شتى الأنحاء مصممة بسلاسة؛ فمثلا من الحشائش يقوم باغتيال العدو وسحبه تلقائيا نحو الحشيش، بينما لو كنت من أعلى فسيقفز ويغتال تلقائيًا تمامًا كما في الأجزاء السابقة، التزحلق أثناء الركض، والركض أثناء الإنحناء، وسرعة اللف كلها مرنة بين بعضها ومريحة جدًا للتجسس عند اللعب وتعمل بكفاءة عالية. لكن عتبي الوحيد يكمن بإزالة نظام الCover الذي وجدت أنه لابد منه في بعض الأحيان، بالغالب لن تعاني من عدم وجوده لأن التصميم بالأصل ممتاز، لكن وجوده كان ضروري في بعض اللحظات وأتمنى إرجاعه في الأجزاء القادمة.
من الإضافات الأخرى لنظام اللعب هي حركة تركيز الأساسين، الذي أجدها إضافة ممتازة وتزيد متعة اللعب ومجالاته، وتعمل من خلال شحن العداد مع كل عملية اغتيال من ثم تحديد الأهداف شرط ظهورها بكاميرا اللاعب، وأخيرًا تتنفذ الاغتيالات تلقائيًا لكل من تم تحديده مهما بعُدت المسافة بينهم. تبدأ القدرة باثنان، ويمكن تطويرها وزيادة العدد من خلال شجرة المهارات، المميز فيها أنها تجعلك تخطط لاغتيالاتك بعناية لأنه يمكن تفعيلها مهما كانت وضعيتك من خلال الضغط على العصا الأيمن حتى لو كنت تقفز أو تركض مثلًا، والسبب الآخر أني لاحظت أن آخر واحد تقوم بتحديده ستقف عنده، مما يجعلها خاصية صلبة وسلاح ذو حدين، إن لم تخطط أثناء إستخدامها جيدًا لربما ينتهي بك المضاف بضربة قاتلة من قبل أحد الحرَّاس.
المعارك
وقبل أن أتحدث عن معارك السّراب أود إسترجاع مستوى المعارك في السلسلة بشكل سريع، حيث بدأ بإمتياز في أول أجزاء (1 – 3 – ثلاثية إيتزيو) لِمَا كانت تتضمنه من تخطيط وتفاعل تام مع البيئة، وإختلاف أنواع الأعداء، وتوزيعهم حولك ببراعة، وضيق ووساعة الأماكن، وتنوع الأسلحة، والحركات بشكل يدفعك لإستغلالها بالرغم من بساطتها، الرابع وUnity ربما جيدين بتوزيع الأعداء حولك لكن قلَّت خطورتهم وصار يميل اللعب للاستعراض والخيارات الكثيرة دون أن يجبرك على التنويع بينها أو التخطيط مما أعده ضعف لاسيما مقارنة بسوابقهم، بجانب آليات إعتادية أكثر من التخطيط والتميز الذي كانت عليه سابقًا. الثلاثية الأخيرة تحولت لRPG، وكRPG الكومبات كان متواضع المستوى، ويعاني بعض المشاكل بنظري مقارنة مع RPG أخرى، وبعضها مشاكل شائعة بالجانرا.
فأين موقع السَّراب بين ما ذُكر أعلاه؟
نظام القتال في السَّراب أخذ من الأجزاء القديمة بعض مما يميزها بتنوع وتوزيع الأعداء والتخطيط، وأخذ من الأجزاء الحديثة آليات تنعشه قليلًا وللأسف تَخلى عن التعقيدات وعناصر الRPG، مما خرج لنا بمزيج جيد عمومًا ويذكرني بأجزاء Ezio (لاسيما على الHard) ولو كان RPG لماكنت سأراه بالجودة الذي هو عليها الآن كلعبة أكشن مغامرات تجسس لأنهم ضعيف كRPG وجيد كنوجهها الحالي، والنظام ببساطة يعتمد على المراوغة، والصد، والهجوم بالتوقيت المناسب، مما قد يعطيك أولوية لحركات قاتلة، أو تبطيء الوقت وغيرها من مزايا في حال احترفت النظام، وبدل من أن يكون للأعداء نظام مستويات، فهم مقسمون على رتب تبين مدى خطورة ضرباتهم وتبين إن كان الوقت مناسب لمواجهتهم أم لا، وبإختصار الرتب الخاصة بباسم ترتفع كلما تقدمت بالقصة كما هو الحال مع نقاط الخبرة.
طاقتك وقدرتك على التصدي وضرباتك يعتمدون بشكل أساسي على نوعية الزي الذي ترتديه، والسلاح الذي تحمله، والخنجر الذي تصد به، فلكل واحدة من هذه تأثير خاص بها، وعندما تجد ميزة بزي أو سلاح تعجبك فبإمكانك تطوير هذه الميزة لتصبح أكثر فعالية مقابل موارد تأخذها من أنشطة جانبية، وفكرة التأثير الجانبي البسيطة تزيد من عناصر التخصيص باللعب والتخطيط لكل لاعب مما يعطي حرية وتنوع قليلًا في القتال، فهناك سلاح يخفض صحتك للنصف مقابل مضاعفة قوته، وآخر يجعلك مع كل ضربة خامسة تصيب العدو بالسم وغيره.
تنوع الأعداء جيد، والذكاء لا بأس به ومتحسن عن آخر إصدارَين، حيث أن الأعداء لا يتجمعون حولك من جهة واحدة أو جانب محدد، إنما يتوزعون حولك لكي يزداد التحدي، ولو أن مع هذا يبقى توزيعهم لم يصل لروعة الأجزاء الأولى الذي كانوا يشكلون دائرة حولك بإحترافية حسب المكان، لكن لا زال جيد وأتمنى أن يطوروه في قادم الأجزاء.
من الأمثلة الجيدة للذكاء في هذا الجزء في أحد المواقف كان هناك 4 أعداء مابين رمَّاح وسيافَين ومدرع، ستجد أحد السيافَين هو الذي يذهب لقرع الجرس بينما يترك الآخر مع المدرع والرمَّاح، ولاحظت أكثر من مرة تحركات وتوزيع جيد بهذا الصدد خاصة إن كنت تلعبها على صعوبة عالية لأن مستويات الصعوبة تغير من الذكاء الإصطناعي بحسب المكتوب في التعليمات.
كما أن من أبرز ما يميز القتال أن لديهم نفس الحركات التي عندك من عداد تعب وإمكانية تسلق وتفادي وضربة قاتلة في حال صدوا حركة لك بالوقت المناسب تمامًا مثلك، وهذا من أبرز ما يجعل القتال جيد لأنه يعطيك إحساس بالعدل بينك وبين أعدائك وتشعر بأنكما سواسية.
أما تنوعهم فهو متواضع، لكن يبقى عندك بضع أعداد منهم كفيلة بإعطاء إحساس التنوع لنهاية اللعبة بالنسبة لمدتها خاصة مع إختلاف خلطاتهم وتصميم البيئات المحيطة بهم، ولو أن على نهاية اللعبة لو طورت عتادك وأعتدت على النظام ستسهل المعارك لحد ما، فأتمنى من قادم الأجزاء أن يضيفوا أنواعًا تزيد التحدي في نهاية اللعبة عندما تحترف نظام القتال، وكذلك تجعل توزيعهم في المنطقة أكثر ديناميكية مما هي عليه الآن.
تنوعهم مع توزيهم، مع إضطرارك لقتالهم بشكل مختلف حسب نوعهم مستغل لكل الآليات حسب تصميم المنطقة وبناء على الظروف حولك تجعل من القتال جيد جدًا وقريب من مستوى الأجزاء القديمة لحد ما وسعيد لأنهم تمكنوا من العودة لمستواهم الذي بدأوا فيه وآمل أن يستمروا ببنائه والإضافة عليه.
وهنا يبقى الدور على ماهية تصميم المهام والمناطق، أهي بجودة تليق بما تم برمجته باللعب والآليات وتناغمهما مع بعض؟ أم أنها كانت فرصة ضائعة؟ وقبل أن أتحدث عن تصميم مهام القصة نفسها أود التحدث على العالم المفتوح أولًا والإضافات العديدة الجديدة التي تمت له!
حجم عالم أساسينز كريد الجيد لاساسينز كريد!
تدور أحداث اللعبة بالكامل في مدينة بغداد في مجد عصرها، وهذه المرة عادت السلسلة لحجم أكثر منطقية في العالم تاركة خلفها عقدة “حجم أكبر بxx من السابق”، وحقًا بالإمكان القول أنهم نجحوا بتحديد حجم مثالي أكبر مما توقعناه -أو توقعته أنا على الأقل-، وأولًا سأتحدث عن العالم نفسه من ناحية التقسيم، فعندنا بغداد بجميع أقسامها، المدينة المدورة تتنصف بغداد وتحيط من إتجاهاتها الأربع مناطق الحربية، والعباسية، والكرخ، تغطي بغداد الأسوار بالكامل وتحيط من أعلاها وسافلها براري تتضمن كثبان عقرقوف وقرًى متفاوتة الأحجام وبعض المعالم المثيرة للاستكشاف، ولكل واحدة منها طابعها الخاص وتصميمها الذي يميزها، حتى أن كل منطقة ستلاحظ إختلافًا بمعالمها وسكَّانها وأجوائها وتحوي معلوماتٍ تاريخيةٍ مثيرة. سأدع جانب التاريخ والتراث لفقرة مخصصة، أما الآن سأتحدث عن بداعة تصميم بغداد من حيث اللعب والأنشطة، ففي كل جزء من بغداد ستجد مناطق مختلفةٍ وساعتها وضيقها وتوزيع العسس والمحلات وكذلك الحشود والطبقات فيها وغيرها من تغيرات ولو طفيفة تجعل من كل منطقة اختلافا فعليًا عن الأخرى وليس مجرد نسخ لصق للحواري لتكبير حجم العالم…
بجانب التفاعل مع كل شيء لتتسلقه بحرية ومرونة، عُرفت السلسلة بعدد من الآليات والأنشطة التي في عوالمها من أهمها آلية السمعة بين الناس، وكلما زادت سوء سمعتك كان كشفك من قبل الحراس أسهل، والسَّراب ليس إستثناءًا حيث أنه تضمن الآلية لكن بتداخلات أكثر قليلًا؛ فيوجد مستويات للسمعة تبدأ بسهولة كشفك من قبل العسس وتستمر لتشمل إبلاغ المواطنون عليك بسهولة مما يرفع مستوى صعوبة المهام والتسلل بشكل كبير ويشكِّل تحدٍ أكبر!
يذكر أن هناك زي يسمح لك بخفض وتيرة ارتفاع عدَّاد السمعة، ويمكنك تطويره لكني شخصيًا رأيت أزياء أكثر فاعلية بالمهام، لكن من الجميل وجود مثل هذه اللمسات. كما هو الحال مع آلية فتح الصناديق بدل من أن تكون لجني المال فحسب، أصبحت لأخذ أزياء وأسلحة ذات تأثيرات مميزة ومفيدة للعب، أو مخطوطات لتطوير الأزياء والأسلحة عند التاجر، ولا تقلقوا فالتطوير هنا بسيط، ويقتصر على ثلاثة تطويرات كحد أقصى تتم باستهلاك موارد معينة، وبعض هذه الصناديق يكون فيه موارد، وأغلب أماكن الصناديق مميزة وتحتاج إما الوصول لأماكن صعبة الوصول، أو الدخول لمناطق محظورة والتجسس، أو حل لغز بسيط، مما يجعلها أكثر تميزًا من الأجزاء السابقة على هذا الصعيد، وهناك Object لجمع غنائم بسيطة ليس لها أي علامة على الخريطة.
حتى أن آلية أشهر من السيف على العلم كتسلق الأبراج فيها أفكار لا بأس بها وجيدة، ربما لأن عددها محدود ومتزن، وكذلك لتنوع تصميمها، فمرة تتسلق مئذنة مسجد، وأخرى تجد مسجد قيد الإنشاء، ومرة تضطر لحل عقدة بسيطة من أجل تجاوز الأسوار الصعبة تسلقها، وأحيانًا بعض الأبراج يتكرر تصميمها لكن هناك تنوع بالنسبة للعدد الكلي أكثر من السابق، وكذلك تحدي بسيط جميل جعل منها أكثر من مجرد برج تتسلق وتكشف المنطقة، فحتى لكي تجد البرج نفسه كثيرًا ما يتوجب عليك أخذ جولة سريعة للمنطقة باستخدام الصقر خصوصًا في البراري أعلى وأسفل بغداد، وهي مجملًا مقبولة.
من الإضافات الجميلة جدًا هي نظام العملات الجديد التي تختلف عن الدراهم الرئيسية التي تستخدمها في تعاملاتك العادية، فهناك ثلاثة أنواع للعملات: خدمة التجار، وعملة خدمة العلماء، وعملة خدمة السلطة، ولكل واحدة استخدامات متعددة بالعالم، فعملة التجار قد تفيدك بأخذ تخفيذ عند بعض التجار، وعملة العلماء تفيدك عند عرضها عند فنانين الأزياء، والخطاطين، وعملة السلطة تسمح لك بتخفيض سمعتك عند منادي السلطة أو المرتزقة وبعض المتمردين، ليس هذا فحسب بل حتى تفيدك في كثير من الأحيان بفتح طرق ومجالات سرية أو مختصرة بالقصة عن طريق دفع عملة معينة لشخص ما مقابل إخبارك عن مدخل سري، أو عمل سيناريو يفيدك، أو معلومة تغير من طريقة إنهاؤك للمهمة…
عندي مشكلة بسيطة لا أعدها سلبية ولا مؤثرة لأنه بالإمكان إعادة التخزينة، لكن لو ذُكر فوائد الأسلحة والأزياء من خلال قائمة الشراء لكانت عملية الشراء أسرع، أما التمائم فحتى مع شراؤها فللآن لم أعلم ما فائدتها أم أنها مجرد شكل.
وبذكر النقود والعملات فمن الإضافات الموفقة نظام النشل الجديد الذي حولها لآلية ممتازة، حيث عليك توقيت وقت ضغط الزر وبالوقت ذاته ضمان عدم الفشل لتجنب رفع سوء سمعتك -ويختلف التحدي باختلاف الصعوبة-، ولو كانت سمعتك سيئة بالأصل واسطدمت بمن تسرقه فسيتم مناداة العسس، ولو رآك عسس وأنت تحاول الاقتراب من أحد فستختلف ردة فعلهم بحسب درجة سمعتك، فلو كانت جيدة سمعتك سيكتفي بدفشك وإبعادك ويرتفع قليلا العداد، لو كانت سيئة فستدخل بإشتباك معهم. كما أن هناك نشاطًا جديد بسيط لكن فائدته جيدة باللعب وهو وجود عدد من الأشخاص في كل قسم من بغداد بجوزتهم قطع أثرية عليك نشلها منهم وإعطاؤها لدرويش مقابل موارد، والمميز فيها عدى عن البحث عنهم بالصقر في كل منطقة، أنها أصعب بكثير من النشل العادي فغالبًا ما كان ينتهي بي المطاف بزيادة عداد السمعة أو حتى مناداة العسس، وأحيانًا أتمكن من الفرار منهم، وأحيانًا أخرى اشتبك معهم.
والعديد من الأنشطة الجديدة، والتحسينات على القديم منها، وكأنه جمع أكثر ما حبه الناس في العالم وأضاف عليه، ومن الأنشطة بشكل عام جمع القطع الغامضة القيم قيمتها، وقصص بغداد، وألغاز تجميع الكتب التي لم أجربها للأمانة. العالم أعاد لي الأمل بإمكانية إضافة أفكار جديدة والتطوير عليه في قادم الأجزاء وتطوير الأنشطة وجودتها أكثر وأكثر، فهو حقًا عالم ممتاز وأفضل مما توقعته.
مهام جانبية أراها الأفضل بالسلسلة!
المهام الجانبية في هذا الجزء متشكلة على هيئة عقود تأخذها من مقرات المستترين في أرجاء بغداد، لست متأكدًا من آلية تجددها أو وجودها أهو عشوائي أم مصمم بترتيب معين، لكن الأهم أن المهام الجانبية هي الأفضل في السلسلة بالنسبة لي لعدة أسباب:
• تنوعها
تنوعها من حيث تنوع أهدافها، ومن حيث اختلافها عن المهام الأصلية، فتوجه المهام الأساسية وجدته مختلفًا عن الجانبية في الكثير من الأحيان، كما أن هذه المهام أعادت العديد من الأنشطة المميزة في السلسلة كالسباق الذي بدأ بالثاني، وهنا ستلاحظ فرقًا كبير بمرونة وسلاسة التسلق بين الأبنية، وبالوقت ذاته واقعية ووزن الحركة الذي يتباطئ ويتسارع مع كل حركة، وهناك أنشطة جديدة كأخذ قارب من أحد المعسكرات وإرجاعه، مرافقة تاجر لوجهته آمنًا، نشل مرآة من حمام كبير، وغيرها الكثير من الأفكار المتنوعة والقصص اللطيفة التي فيها.
• الجوائز التي تعطيها
جوائز هذه المهام قيمة، فتعطيك موارد لتطوير الأسلحة والأزياء إلى جانب العملات النادرة، وقد يتطور الأمر ليشمل مهارات تطوير أو ربما أزياء وأسلحة بمزايا مميزة حتى!
• فكرة طلب المتعاقد
لكل عقد يكون هناك شرطًا لو نفذته فستأخذ جوائز إضافية، مما يزيد التحدي الذي قد تخوضه، فمثلًا السباق ليس من الضروري أن تفوز فيه بقدر ما تحصل على الشيء الذي كنت تسعى للحصول عليه، لكن طلب المتعاقد في أن تفوز يجعلك في حال فوزك تأخذ جوائزًا إضافية، سرقة القارب مثلًا لو استطعت الدخول للمعسكر وفتح البوابة وتهرِّب القارب دون أن يتم رصدك ستأخذ جوائز إضافية، وغيرها العديد من الأفكار كعدم تلقي ضرر، أو عدم القتل، وأجدها جميعًا أعطت تحدي مميزًا عن ذلك الذي في المهام الأساسية، وفيها تنوع ممتاز حقًا.
باختصار المهام الجانبية والعقود هي رائعة بنظري، وأتمنى أن تستمر على نظامها وجودتها هذه.
تصميم مراحل ممتاز والأفضل بالسلسلة!
أبرز وأقوى وأجمل جانب في هذه اللعبة بالنسبة لي هو تصميم المراحل البديع، الذي صُمم بذكاء وحرية مطلقة من النوع الفاخر الذي يحسب كل خطوة قد تخطوها، فجميع المهام بلا استثناء لها تصاميم خاصة تميزها عن الأخرى، وهناك معسكرات صغيرة للقادة الصغار، ومتوسطة احيانًا، ثم تلك الضخمة التي تكون الأصعب وأشبه بالقلاع في Far Cry 4، مما أبهرني أنك لن تجد مهمتين متشابهتين. ما يميز التصميم ليس حجم المناطق أو إختلافه بالضرورة، إنما استغلال كل صغيرة وكبيرة فيها في التصميم، والمداخل التي في كل مرة ستشكل تحديًا مختلفًا، كما أن توزيع الأعداء معتنى به من الحراس، لأصحاب المفاتيح وما إلى ذلك، وعدى عن حرية الدخول وتميز التصميم، وتعدد أدواتك، فهناك سيناريوهات عديدة بالإمكان إتباعها بجانب ابتكار اسلوبك، وكثير ما يمكنك تجنب السيناريوهات وتقوم بتدبير نفسك بنفسك وذلك سيكون أصعب بالتأكيد!
في بداية اللعبة وأول مهمة تحديدًا عليك بإتباع نهال للدخول إلى قصر الشتاء وسرقة صندوق معين، فمن هنا ستبدأ لحظة انبهارك من التصميم، حيث أن لديك الخيار لإتباع نهال والدخول معها، أو بإمكانك أن تجد طريقًا آخر بنفسك حتى أثناء دخولها هي، واللعبة لن تمنعك أو تقول لك لا، أو تجبرك على الFollow. مع كل مرة تتقدم تتفتح السيناريوهات بشكل أكبر من حولك، ففي أحد المهام بإمكانك رشوة أحد العمال بعملة السلطة والدخول مع حشده. وفي أخرى عليك أن تدخل بنفسك من أحد المداخل وأحد السيناريوهات هي أن تحضر صندوقًا معين وتخرجه بطريقة ما من الداخل (لك الحرية في الطريقة التي تختارها)، ومن ثم تعود له وتعطيه الصندوق ليعطيك المجال بالدخول بسهولة وكذلك في استفزاز الرهينة.
وفي سيناريو آخر، لو ارتديت صبغة معينة ستتمكن من إنجاز المهمة بالتعاون مع أحد الطباخين (لم أجربه).
فحتى أتفه الأشياء التي قد تظن أنها لن تفيدك، أو أنها مجرد شكلية، ستجد سيناريوهات ذكية تستغلها بشكل جيد، وبعضها داخل بالقصة كالمهمة التي يتوجب عليك تتبع أحد الحراس وفي حال فشلت ستنتظر اليوم التالي، فهنا ستستخدم ميزة المقعد وتمضية الوقت.
حتى مع هذه السيناريوهات لا زال مجال اللعب بحرية متاح لك، فآليات اللعبة وتطبيقها لصنع خطة ينطبق على هذه السيناريوهات، فمثلًا السيناريو الذي حدثتكم عنه أعلاه لم يمر بسهولة كما هو مخطط، ليس بأني فشلت بإحضار الصندوق للخارج، بل لأن السمعة كانت في أعلى مستويات السوء عندي، مما أدى إلى كشف الحراس إلي بسبب إبلاغ الناس، فلو كانت السمعة ليست بتلك الدرجة من السوء لتمكنت من الدخول بسلام مع التاجر، وهذا بحد ذاته اضطرني للدخول من مدخل آخر وانتظاره إلى أن يُخرج الرهينة من غرفته، من ثم قمت باغتياله! فالسيناريوهات نفسها بالإمكان الإبتكار والإبداع فيها بطرق مختلفة ومتعددة.
وهناك الكثير من السيناريوهات المتوفرة في ذات المهمة، وكلما تقدمت بالمهام كلما ازداد حجم المهام والسيناريوهات، وغير السيناريوهات، والأدوات، هناك لمسات جديدة للتفاعل مع البيئة كضرب أكياس الطحين مثلًا لإصدار دخان، أو رمي السكين على أنواع معينة من النوافذ لكسرها لكنها ستصدر ضجيج قد يورطك، أو رميها على الجرس لتعطيله، بل حتى أن هناك أدوات تتفاعل مع البيئة لو طورت لها مهارات معينة مثل الدخان القابل للاشتعال، وغيرها تعطي درجة جيدة من الحيوية والديناميكية في اللعب، وهي نقطة تطور تحسب لصالح الجزء هذا، وتستفيد من خلط الأدوات في تكوين مزيج معين، حتى أن هناك بعض أنواع المداخل التي تضطرك لاستخدام القنابل لتفجيرها مثلًا وذلك يحتاج لنوع متقدم من التطويرات، وطبعًا مع وجود أماكن الاختباء المعتادة عليها والحشائش والقش الغنية عن التعريف.
من الأمور الجيدة بتصميم اللعبة ايضًا تطور الحراس مع تقدمك لاسيما لو كنت تلعب بمستوى الصعب، فستجد قناصين يرمون الحجارة على صقرك مما يجعلك لا تتمكن من إستخدامه وتعتمد على حواسك، ولك الحرية في طريقة اللعبة، شخصيًا لم أكترث وحاولت إكمال المهمة بحاسة الصقر، لكن غيري قد يلجأ لاغتيال القناصين من ثم متابعة مسيرته، وربما يكتشف طرقًا ووسائل أسهل لأنه قام بالتخلص من القناصين واستخدم صقره. أدهشني تصميم المراحل حقًا في هذا الجانب الذي بلاشك يستحق وسام الإبداع!
الإهتمام التاريخي والجانب التراثي
من أهم الأمور التي سوقوا لها هي الإهتمام التاريخي وتجسيد الحقبة بأعلى درجات الدقة، فهل صدقوا أم أنها كانت مجرد أوهام تسويقية؟ لاسيما أن الحقبة الذي تدور حولها اللعبة حسَّاسة لحد ما وهي في يد لا تؤتمن، ولها سوابق بخرق المصداقية في تجسيد حقبها من خلال إضافة أجندات كالموجودة في أوديسي وفالهالا، فهل وقاحتهم ستصل بهم إلى حد التدخل في ثقافتنا؟
هذه الأفكار لطالما تراودت إلى ذهني فترة الإعلانات حتى مع حماسي وتطلعي للعبة، لكن سرعان ما بدأت خطواتي معها حتى آخر مشهد فيها لم أجد أجندة محشورة أو أفكار قذرة لحسن الحظ، إذ أن كل الشخصيات سليمة وبشرية التفكير، والعلاقات سوية وإنسانية، فماذا عن الإهتمام بالتاريخ؟
يمكنني رؤية الجهود الهائلة التي تم بذلها في تجسيد بغداد بأدق التفاصيل، إذ أن كل حارة من حواريها قد تجد معلمًا هامًا بها يحوي معه قصصًا ومعلومات حول كل ما يخص هذه الحقبة فهي مقسمة على خمس أقسام وهي:
- الفن والعلم
-
المعتقدات والحياة اليومية
-
حياة البلاط
-
الاقتصاد
-
الحكومة
والأجمل أن كل المعلومات والصور المرفقة بالإمكان الإطلاع على مصادرها للدقة، ومع بحوث سريعة دون تحليل كل صغيرة، وجدنا أن أغلب التجسيدات والمخطوطات وسلوك الشخصيات واقعية ومطابقة للحقبة، إلا أن هناك تخللات قليلة جدًا وحشر لنقاط مسمومة لاحظناها، وهي خاطئة، كمعلومة أن صيامنا يبدأ مع شروق الشمس مثلًا؟ أو اسلوب سرد مخطوطة الخمر الذي يعطي الصورة بشكل خاطئ أساسًا.
وعدى عن ذلك الحكايات ومعلومات الحقبة وتجسيد معالمها اغلبها موفق ومبذول جهدًا هائلًا نرفع لهم القبعة عليه ونشيد بجهودهم ومصداقيتهم بالتجسيد وبناء بغداد بأدق نفاصيلها في كل مناطقها ومعالمها وإرفاق معلومات حوله لإنتشار الثقافة التاريخية الغنية والذهبية، لكننا نعتب فقط على عدم صحة المعلومات 100% وبعض أخطاء السرد التي تُعطي أفكارًا خاطئة!
الرسوم والهندسة الصوتية والتوجع الفني
الرسوم عالية الجودة تتخذ نهج الواقعية، وقد نجحت في ذلك وبجودة فخمة لاسيما في البيئة والإضاءة، واختلاف الفلاتر بين مناطق بغداد ومعالمها، وكذلك بين الشروق والنهار، والغروب والليل، لكلٍ لمسته الفريدة، أما الأشخاص، فالرئيس منهم بمستوى البيئات مع ضعف أحيانًا بتعبير الوجه، لكن غالبًا ممتاز ومعتنى بهم. أما الجانبي فبالرغم من تفاوت الرسوم بينهم لحد ما فمنهم بمستوى الأساس، ومنهم تلاحظ أنه أقل تفصيلًا، لكن لم يهمني كثيرًا بقدر ما أرى أنه يجب تحسين تعابير أوجه الشخصيات بشكل أكبر والإعتناء بها حتى لو كانت بسيطة لتكون معبرة أكثر، لأني لاحظت ضعف في هذا الجانب أحيانًا وكما وصفه أحد الذين معي “الشخصيات بالعالم تعابيرهم بليدة” خاصة أن مستواها ليس مستوى الرسم الذي بالشخصيات الأساسية والبيئة.
التوجه الفني رائع، القوائم تضفي أجواء خاصة مع الألحان العربية الأصيلة، وتوجه المخطوطات بتصميمها، كما أن القائمة الرئيسية ولمسة الرياح المتحركة والطيور وكونها حية بشكل عام مع اللحن العربي الرائع جعل منها واحدة من أجمل القوائم في الجيل الحديث.
الهندسة الصوتية بديعة وأخَّاذة، فلكل نوع من الأراضي صوتًا يميزه عن الآخر، بل حتى أني لاحظت فروقًا بين أصوات الحشائش كذلك، وأقدام العسس بأنواعهم، والأسلحة، مع صوت الرياح في بعض المناطق، إضافة لاختلاف المؤثرات في العالم بين الليل والنهار، كله أعطى تجربة صوتية فريدة للغاية ومعتنى لأقصى درجة بها، وربما يعود السبب في الإهتمام بخيارات المساعدة بشكل كبير..
الجانب التقني
جربت اللعبة بالكامل على البلايستيشن 4، حوالي 25 ساعة وكان أداء اللعبة مستقر معظم الوقت إلا أني لاحظت هبوط أحيانًا عند الزحام والاشتباك، وأحيانًا أثناء شاشة التحميل، عدى عن ذلك لم أواجه مشاكل تقنية تقريبًا ولم تواجهني سوى مشكلة بصرية واحدة لا تكاد أن تُلحظ حتى، لدرجة أني تساءلت، هل أنا ألعب لعبة يوبيسوفت حقًا قبل إطلاقها؟
يذكر أن:
- لا زال هناك بعض المهام كمهام التحقيقات ومهام قليلة تصادفك فيها نوع من الخطية كالأجزاء الماضية، لكن الغالبية العظمى فيها حرية لا بأس بها.
- كعادة السلسلة التروفيات تعطي تحديات لطيفة من نوع آخر عن التحديات المطلوبة داخل اللعبة.
- من الأمور التي تستحق الذكر حركة الكاميرا مع اللاعب وقربها وبُعدها تستحق التقدير خاصة ما بين الأماكن الضيقة والواسعة، وأثناء التجسس، والمغلقة والمفتوحة، والمجمعات.
- طور التصوير جيد بخياراته لكن مجالاته رائعة ليس لما فيه من الخيارات، إنما لروعة التوجه الفني والجانب البصري في اللعبة.
- هناك فلترًا يحول البصريات في المدينة إلى اللون الأزرق الذي يحمل روح أول أجزاء السلسلة، لكني أجد أنه يفسد جو اللعبة، لكنها لمسة جميلة بما أنه بالأصل جزء إحتفالي.
الخلاصة
أساسين كريد السَّراب تمكنت من جمع الخبرات المكتسبة من كل ما تم تطويره مسبقًا، بجانب الإستماع لرغبات الناس وشكواتهم عن السلسلة وبالأخص آخر إطلاقاتها، مع كثير من الإضافات بشتى جوانب اللعب والتي وجدت أغلبها موفق، فبهذا تكون قد جمعت مابين المتواضع كالقصة والجيد كالعالم والجيد جدًا كاللعب وتصميم المناطق البديع، لتكون بالنسبة لمحبي السلسلة حزمة ذهبية ممتازة أشبه بذاك الذهب الذي يظهر في شعار ال15 عامًا ببداية اللعبة. وتُرجع لنا شعلة الحماس لما قد نراه من نقلة في المستقبل، فهل أخيرًا حان الوقت للمضي إلى الأمام؟.
إيجابيات
- القصة تحمل بداية ممتازة ونهاية جيدة جدًا، وما بينهما متذبذب ولا بأس به مجملًا. -فرصة ضائعة-
- الشخصيات جيدة والحوارات ونصها لا بأس به.
- التمثيل الصوتي ممتاز مع تفوق ملحوظ لباسم ونهال الذان يحملان آدائًا رائعًا.
- الاستكشاف باللعبة جيد جدًا وإضافاته موفقة.
- العالم وأنشطته المجددة والمضافة ممتازتين.
- جانب الباركور من الأفضل بالسلسلة.
- التجسس والإغتيالات جيدة جدًا.
- تصميم المراحل ممتاز.
- نظام الأدوات والتطويرات جيد مجملًا.
- شجرة المهارات جيدة جدًا.
- الإهتمام التاريخي والتراثي بديع بالغالب.
- الجانب البصري والهندسة الصوتية والتوجه الفني في قمة الروعة.
- لم أواجه مشاكل تقنية.
سلبيات
- تعابير وجه الشخصيات الجانبية بليدة.
- بعض الشخصيات بالقصة غير جيدة البناء
- برود في منتصف اللعبة من ناحية الأحداث كان يمكن إضافة أحداث أكثر تبني الشخصيات بشكل أكبر.
- الآداء الصوتي أحيانًا يتخلله الضعف لاسيما بالمهمات التي بالمنتصف.
- نتمنى منهم سرد أفضل للتاريخ ومعلومات الحقبة وعدم دس بعض العبارات اللامنطقية أو المعلومات الخاطئة، حتى مع أنهم أبلوا بلاءًا حسنًا بأغلب الأمور إلا أننا وجدنا أخطاءً ببعض المخطوطات وسرد يُعطي المعلومة بشكل غير صحيح، كأنَّ الخمر منتشر بشكل “طبيعي” في ذاك الزمان ويحصل كشيء عادي.
- تكرار أنواع الأعداء في آخر ربع من اللعبة.
- كان من الأجدر توضيح الSide Effect في قائمة شراء المعدات كي يتضح ما تفعله من مزايا خاصة لها، لاسيما أن المعدات باهظة الثمن بالأصل!
- الآداء في نسخة البلايستيشن ٤ يعاني من هبوط نادرًا.
تطوير
- أتمنى أن يتم إضافة المزيد على أنظمة التسلق مستقبلًا لتطورها بشكل فعلي من ناحية الميكانيكس والأفكار.
- أتمنى إضافة حيوية وتفاعل أكبر مع الLevels لتفدم أفكارًا جديدة للتفاعل معها والفروقات فيما بينها
- إضافة إمكانية لتبطيء حركة الصقر والتعامل معه بسلاسة أكبر عند الإستكشاف.
- إضافة أنشطة جانبية أكثر بالعالم كميني غيمز مثلًا.
- إضافة نيو غيمز+ ومحتوى/صعوبة ما بعد الإنهاء.
- زيادة الأزياء التنكرية وإستخداماتها بالمهام بدل من عددها المحدود الحالي.
