مقالات

سوالف ألعاب: هورايزون الغرب المحظور بعالم مثير مقابل تجربة أضعف

عادت سلسلة هورايزون، إحدى أفضل سلاسل الألعاب الجديدة من بلايستيشن من الجيل الماضي إضافةً إلى شبح تسوشيما بالنسبة لي. هناك مجال كبير للتطور وإتحافنا بما يمكن لهذه السلسلة تقديمه، خصوصاً بعد مقالي المُخصص حول عالم شبح تسوشيما الرائع فقد أصبح لعالم هورايزون منافساً جديداً. وبما أن هناك مجالاً للتطور والإبهار، فإن هنالك مجالاً لتخييب الآمال كذلك. فالسؤال هو، أين تقع Horizon: Forbidden West على هذا الميزان بالنسبة لي؟ الإجابة ليست بتلك البساطة؛ وهذا محور مقال سوالف ألعاب حول هورايزون الغرب المحظور.

لعبة Horizon Forbidden West صدرت بتاريخ 18 فبراير 2022 من تطوير Guerilla Games ونشر PlayStation حصرياً على بلايستيشن 4، وبلايستيشن 5. وهذا تقييم موقع إتحاد اللاعبين العرب مكتوب بعد مراجعة نسخة اللعبة على PlayStation 5 باستخدام طور أفضلية الصورة Fidelity Mode.

 

لأستطيع التحدُث عن الحاضر، سأكشُف لكم قليلاً عن الماضي. كانت Horizon Zero Dawn فصلاً جديداً في تاريخ استوديوهات بلايستيشن في 2015 عندما تم الإعلان عنها. كانت نقطة بزوغ وتحول، ودليلاً على أن بلايستيشن مستعدة للمخاطرة من أجل تقديم شيء جديد خلال الجيل الجديد (PlayStation 4 حينها). لم نكُن نعهد بأن تكون استوديوهات Guerilla Games المسئولة عن سلسلة ألعاب التصويب Killzone مسئولة عن تطوير لعبة أكشن ومغامرة مليئة بعناصر الآر بي جي، وبعالم مفتوح. وكانت المفاجأة عندما صدرت اللعبة في 2017 وأبهرتني شخصياً بعالمها، وبماضي قبائلها، وبمزجها للخيال العلمي والتكنولوجيا مع الإنسان البدائي لإعطائي عالم حقيقي له ماضي يمتد لآلاف السنين. كما كان أسلوب اللعب المُتقن، وطرق استخدام الأسلحة المختلفة الممزوجة مع خصائص تطوير الشخصية شيئاً جديداً من بلايستيشن حينها، خصوصاً مع هذه الدرجة من الإتقان. لا يسعني سوى القول بأن Horizon Zero Dawn أبهرتني جداً وتقييمي للعبة حينها دليل كبير على ذلك.

أنهيتُ Horizon Zero Dawn متعطشاً للمزيد… ولكن أحياناً قد لا يكون ما تتمناه كافياً لإعطائك نفس الدرجة من الانبهار والإعجاب عندما يصدر الجزء الجديد. هذه قصتي مع لعبة Horizon Forbidden West.

 

العالم المفتوح، قالب ألعاب بلايستيشن مؤخراً يؤثر سلباً على ألعابها:

هناك العديد من الأمور التي حصلت بين وقت صدور Horizon Zero Dawn وبين Horizon Forbidden West. بالأخص هناك العديد من الألعاب “المشابهة” من بلايستيشن والتي صدرت خلال تلك الفترة. وجه المقارنة سيكون خصوصاً على هذه النوعية من الألعاب: ألعاب العالم المفتوح، المليئة بالطبيعة والأشجار وبعدد قليل من المباني، في لعبة أكشن ومغامرة تعتمد على تطوير الشخصية واستخدام أسلحة مختلفة، بالإضافة للعديد من المهام الجانبية لاكتشاف العالم وسكانه المكونين من قبائل منفصلة موزعة على أجزاء مختلفة من العالم. بعزل هذه الخصائص فأن الألعاب التي تطابق هذه المواصفات هي: God of War، Ghost of Tsushima، وDays Gone. وإن وسعت نطاق المقارنة قليلاً فيمكن إضافة لعبتي Uncharted: The Lost Legacy وThe Last of Us Part II من ضمن هذه المقارنة كذلك. اختصاراً لما أُريد إيصاله، ما كان جديداً ومبهراً من Guerilla Games وألعاب الطرف الأول في 2015، صار قالباً تعودنا رؤيته من أكبر إصدارات استوديوهات بلايستيشن الداخلية خلال هذه الفترة. ما كان يُصنف كمُخاطرة، صار تركيزاً على الموثوق والمألوف. سلسلة Horizon فقدت جزء كبير مما كان يميزها بسبب ألعاب بلايستيشن الأخرى، وبالمقابل فقد عانت Horizon Forbidden West من هذه الناحية بالنسبة لي.

لا أكره ألعاب العالم المفتوح إن كانت تُقدم ما يجعلها مميزة في ذلك النطاق. فيمكنك قراءة مقالي حول Ghost of Tsushima وكيف أتقنت العالم المفتوح مقارنة بغيرها من الألعاب. لذا فهو مُحزن رؤية سلسلة Horizon ترجع بخطوة للوراء مما قدمته شقيقتها Ghost of Tsushima. أو حتى مقارنةً بـ God of War التي تُقدم عالم مفتوح لحدٍ ما؛ بتقييدها لمراحل كبيرة وإزالة أي الهاءات عن عالمها. ولكن يبقى أمر ألعاب العالم المفتوح غريباً بالنسبة لي. عالم Horizon مازال مميزاً بالنسبة لي وخصوصاً بما يتعلق بالقبائل المختلفة وطريقة تكون عادات وتقاليد هذه القبائل. ولكن هناك جزء كبير من خارطة عالم Forbidden West يشعرني بأنه تكبير دون غاية، بينما كان من الممكن جعلها خارطة مُركَزة أكثر وأصغر حجماً بنفس المحتوى ولكانت لتظهر بجودة أفضل.

لأبتعد عن السلبية قليلاً، فأِن هذه هي مشكلتي الكبرى مع هورايزون الغرب المحظور، ومازال بجعبتي الكثير لأُعبر فيه عن رضاي لما تُقدمه اللعبة بشكل رائع في نواحي عديدة. ولكن تبقى الرسالة المهمة قبل أن ابدأ: على استوديوهات بلايستيشن الابتعاد عن هذا النمط من العالم المفتوح وطريقة تصميم المحتوى الجانبي في ألعابها المستقبلية؛ فأنها بدأت بالفعل تعطي إحساس التكرار في أعمالها. فلعبة بعالم مفتوح كبير وخالٍ كـ Shadow of the Colossus.. حرفياً خالي من كل شيء، مُميز أكثر من عالم واسع مليء بالنشاطات كما في Days Gone وHorizon Forbidden West.

خيال علمي أكثر ومفاجآت تخص الماضي والحاضر:

للتنبيه: سأتطرق إلى حرق لأحداث القصة وطبيعة العالم. أنصح بالقراءة بعد إكمال اللعبة لتجنب الحرق.

بدايةً مع Horizon Zero Dawn فأن فِكرة انقراض الأرض وبدئِها من جديد كانت فكرة شدتني منذ أول عرض للعبة. دمج التكنولوجيا المتطورة جداً في حياة الإنسان البدائي، وما يمكن لذلك أن يولِدُه من اختلافات، كانت ولازالت فكرة مميزة. اكتشافها وعيش التجربة في الجزء السابق كان شيئاً رائعاً. خوض المغامرة مع Aloy والتعرف على أنواع القبائل المختلفة، والتعرف على عاداتهم وتقاليدهم، بالإضافة إلى اكتشاف الماضي ومعرفة ما حصل للأرض بسبب التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، قدم تجربة مثيرة للاهتمام. من جانب فأن اللعبة كانت تروي قصص مربوطة بعالم هورايزون، بينما من جانب آخر كلاعب كُنتُ أوصل النقاط بين ما أعرفه في العالم الحقيقي وبين تحوله في عالم اللعبة.

لحُسن الحظ فأن هذا الأمر واصل بشد انتباهي حتى مع Horizon Forbidden West. فالقصة الرئيسية مرتبطة بنهاية أحداث الجزء السابق، وتكملة مع تهديد جديد له عواقب وخيمة. ولكن ما كان مميزاً أكثر هو الخوض في نفس التجربة بالتعرف على قبائل جديدة غرب المناطق التي كانت تدور فيها أحداث الجزء السابق، والتعرف على أُناس جدد مختلفين بعاداتهم واعتقاداتهم مما رأيناه سابقاً.

شعوب وقبائل، عادات وتقاليد:

تُعرفُنا القصة على قبائل الغرب على أنهم أُناسٌ همج وأشرار، كما لو كانت الأمور في عهد القبائل البِدائية التي تحكُم على كل قبيلة أخرى وتصِفُهُم بالمتوحشين عديمي الرحمة. ولكن بالتحادث معهم تجد بأنهم قبائل مشابهة ولكن لهم عادات مختلفة بسبب البيئة التي تحيطهم، وبسبب طريقة تنشِئَتُهُم في هذه البيئة. ومن هذه القبائل الـ Utaru الذين يعتمدون على استخدام الأعشاب في كل شيء، بدايةً من الطعام وحتى مواد البناء والملابس. ونتعرف بأن سبب ذلك هو إيمانهم بالآلات التي تقوم بزرع الأرض التي يحصدونها، وكيف يقومون بإعطائها أهمية كبيرة داخل قبيلتهم كجزء من معتقداتهم، وكيف تطورت هذه العادات مع مرور الأجيال. وكل هذا فأنك بدور Aloy ترى ماضي هذه الآلات وتعرف بأنها ليست ما تقوم هذه القبيلة بوصفها لهم. كلاعب أعجبني كل الاهتمام بتفاصيل العالم والأشخاص بعيداً عن القصة الرئيسية، فهذه الأمور مهمة جداً لتبني عالم يمكن وصفه بالحقيقي. قضيت الكثير من الوقت خلال أول زيارة لي لقبيلة Utaru للتدقيق في مدينتهم، والتي لاحظت بسبب معتقداتهم فأن بنيانهم بالكامل من أغصان الشجر والأعشاب ولا يقومون باستخدام الحديد.

ذكرتُ بأن Aloy لها عِلم بأشياء كثيرة مما حولها ولا يعلمها غيرها، خصوصاً حول ماضي الأرض. ولكن هناك بعض الرسائل المبطنة التي أحسست بها عند التقائي بهذه القبائل والتي لم تعجبني بشخصية Aloy خلال هذا الجزء. ففي كل مرة يتحدث فيها شعوب هذه القبيلة عن أهمية الآلات بالنسبة لهم أو جزء من تقاليدهم، فأن Aloy لا تُعير أي اهتمام لذلك وتعتبرهم مجرد آلات يمكن استبدالها. وتقوم بالتحدث إلى هذه القبائل باستصغار حول معتقداتهم بما يصفهم بالجاهلين والذين يعتقدون بأن العِلم والتكنولوجيا هو شيء “رباني” أكثر مما هو عليه. تظهر شخصية Aloy بتقديم هذه الرسائل المبطنة حول علاقة الدين مع العلم كتصغير للدين (وإن كان مصطنعاً داخل اللعبة إلا أن هذا ما أعنيه بالرسائل المبطنة). وتكرر هذا الأمر مع القبائل الأخرى التي تستمر Aloy بإعطائهم نظرة استصغار عندما يتحدثون عن أي من معتقداتهم وتقاليدهم وهذا الشيء أزعجني في كتابة الشخصية هذه المرة.

من القبائل الأخرى التي نتعرف عليها خلال اللعبة هم الـ Quen والذي نكتشف بأنهم متطورون أكثر من القبائل الأخرى، حيث أنهم يملكون أجهزة Focus، ويمكنهم كذلك رؤية الملفات القديمة من العالم قبل الانقراض. ومن المشوق رؤية ما يعتقدونه وكيف تكونت قبيلتهم بناتج مختلف عما تراه Aloy، بسبب حصولهم على نسخة قديمة من أجهزة Focus، وحصولهم على عدد محدود من المعلومات حول الماضي مقارنة بـ Aloy.

هناك دلائل خلال أحداث اللعبة على بدء حضارات جديدة كذلك. فقد أُعجبت جداً بالخصوص بمنطقة Las Vegas، حيث أججت آثار هذه المنطقة اهتمام مجموعة من الأشخاص للبحث عن ماضيها والتعرف على أسرارها. وكان هذا الاهتمام نتيجة لتطور أفكار الأشخاص في فنون المسرح والعروض. فهنا نشهد ولادة قبيلة جديدة بالكامل؛ حيث أن فنانون من قبيلة Oseram قرروا التوسع أكثر من مجرد صناعة الأسلحة والدروع، وبسبب تعمقهم في الفن المسرحي استقطبوا لهذه المنطقة المحدثة أشخاص من قبائل أخرى للعيش فيها بفتح آفاق جديدة. وهنا تُبين لنا اللعبة بأن العالم في تطور بعد أحداث الجزء السابق، فكما أن هناك قبائل تُركز على علم البيئة والزراعة البدائية وتحاول تطويرها، فهناك قبائل أخرى تتوسع بأشياء جديدة لم تكن موجودة. بمثالي عن الـ Oseram كذلك بالاهتمام بصناعة منطاد طائر في محاولة لإعادة صناعة الطائرة. أو قبائل Tenakth المهتمة بحفظ وأرشفة التاريخ بعد اكتشافهم لما نعرفه نحن بالمتاحف.

للأسف هناك جانب لم تستغله اللعبة بشكل كامل مع هذه القبائل. هناك العديد من المهام الجانبية، ولكن بدلاً من استخدامها لتعريفنا أكثر بطريقة عيش هذه القبائل أو دمجنا بجزء من عاداتها، فأن اللعبة تستخدم هذه المهام الجانبية على نفس الوتيرة. وهي بأن هناك شخص مفقود من هذه القبيلة، علينا البحث عنه والقضاء على الآلات في الطريق وإرجاع الشخص. طبعاً هناك بعض المهام التي لا تعتمد على ذلك كمثال قبيلة Utaru عندما نتعرف بأنهم يحتفظون ببذور منذ ولادتهم ويقومون بزرعها عند موتهم لتزرع مكانها عشباً أو ورداً، ونساعد ببعض المهمات بإرجاع هذه البذور لذويهم. لكن كما هو الحال فهناك المزيد المطلوب من اللعبة لتقديمه بهذا الشأن بدلاً من الاعتماد على المهام الجانبية المتكررة بشكل كبير.

فضائيون: جئنا للحرب لا للسلام:

توجه القصة الرئيسية وأخذ السلسلة بجانب أعمق للخيال العلمي كان مبهراً هذه المرة في Horizon Forbidden West. فبدلاً من التركيز على إتمام سرد القصة على ماهي عليه من الجزء السابق، أو بالأحرى بالتركيز على الأرض وبرنامج Zero Dawn وإضافة مناطق جديدة بحاجة إلى تدخل الذكاء الاصطناعي لإصلاح مشاكل الأرض والبيئة. فقد تم إضافة جانب آخر لم يكن متوقعاً وهو بخصوص قبيلة Far Zenith الذين ذهبوا للفضاء قبل إطلاق برنامج Zero Dawn قبل 1000 عام. حيث كانت المفاجأة عندما نكتشف بأن سفينتهم الفضائية لم تتحطم كما كانت تُبرِز التقارير القديمة؛ بل أنهم نجحوا بالفعل بإتمام رحلتهم والوصول إلى كوكب Zenith والعيش عليه لفترة من الزمن.

تلاعبت بمخي الاحتمالات بعد معرفة هذا الجانب من القصة. فبدأتُ أتخيل تطور هذه الحضارة، والتي بشكل ما احتفظت بنسخة من برنامج Apollo المسئول عن حِفظ عُلوم ومعارف وابتكارات العالم القديم. وكيف لكل هذا ان يؤثر على مستقبل العالم الحالي إذا توفرت هذه العلوم للجميع. فخلال أحداث اللعبة هناك دلائل كثيرة على تطور القبائل وبحثها لاكتشافات جديدة، وسيكون برنامج Apollo مناسباً لذلك، ولكن بنفس الوقت فإن إعطاء الأشخاص والقبائل الفرصة للبدء من جديد واعتمادهم على نفسهم سيوصلهم إلى نفس مستوى التطور مستقبلاً.

تُبقي القصة الرئيسية مستواها بالمحافظة على العالم ومحاربة التهديد الجديد الذي يغزوها، سواءً بالمناخ المتغير والأعشاب الضارة التي نسعى خلال القصة بتقليلها بإرجاع وظائف الذكاء الاصطناعي إلى برنامج GAIA. أو كذلك من خلال الحرب المباشرة مع Far Zenith المتطورين جداً، ومعرفة تاريخهم وسبب قدومهم.

 

أساليب لعب جيدة، افتقرت للتطور:

لعل جانب اللعب عند مقارنته بما قدمته القصة وبناء العالم، فأن التطور لم يصل لأساليب اللعب مع الأسف. فـ Forbidden West تُقدم ما قدمته Zero Dawn مع تغييرات طفيفة لا تكون واضحة عند اللعب. لا يعني ذلك بأن أسلوب اللعب والقتال مُمِل، بل على العكس فأن ما قدمته Zero Dawn ممتع جداً وهو مستمر هنا، لكن مع حاجة لتطور أكثر لم نحصل عليه في الجزء الجديد.

آلات هائجة، صيادة وحوش متأهبة:

يستمر نظام القتال المبهر من الجزء السابق في هذه اللعبة كذلك، فأساسيات الإطاحة بالآلات ومعرفة نقاط ضعفهم، ومتابعة مسار حركتهم جزء مميز من القتال بسلسلة Horizon. وتقدم Forbidden West العديد من الآلات الجديدة التي تختلف بأسلوب حركتها عما قدمه الجزء السابق؛ فهناك آلات طائرة أكثر. أما الآلات الأرضية فقد حصلت على سرعة حركة ومراوغة كبيرة تُصعب الأمور على Aloy للإطاحة بها.

لم أمل من تصميم الآلات الجديدة فجميعها مميزة بدون استثناء. منها آلات تتصرف كالقرود وتتسلق على أطراف الجدران للقفز عليك أو رمي عناصر سامة، أو الآلات التي تختبئ تحت الأرض وتعاود الظهور مرة أخرى، وحتى الآلات البرمائية التي تستخدم محيطها لمصلحتها. هذا بخصوص الآلات الصغيرة والمتوسطة، وهناك تطور أيضاً مع الآلات الضخمة الأكثر صعوبة كالمشابهة للفيلة أو السلاحف العملاقة التي تشن هجمات قوية باستخدام أسلحة كبيرة بمجموعة حركات كثيرة.

كما هو المعتاد من أسلوب القتال فيمكن الانتظار ومباغتة الأعداء بنصب الفخاخ والتركيز على نقاط الضعف. أو يمكن الهجوم مباشرة لإسقاط الأسلحة المعلقة من الآلات الضخمة واستخدامها ضدهم. نظام القتال ممتاز في أغلب الحالات، ويمكن استخدام أسلحة مختلفة بحسب نوع العدو، وكذلك عناصر مختلفة كالسم أو عناصر جديدة لهذا الجزء كالالتصاق أو العنف. لكن هنا تتوقف التطورات في أسلوب القتال من رأيي.

أسلحة جديدة لا تضيف التميز:

هناك مجموعة جديدة من الأسلحة سواء كانت بنوع السلاح أو العناصر التي تستخدمها. لكن مشكلتي مع هذه الأسلحة هو عدم وجود التطور الكبير بينها وبين الجزء السابق. طريقة القتال لم تختلف لأنها كانت ممتعة في الجزء السابق ونعلم بأن هناك مجال أكبر للتطور، ولكنه مفقود من Forbidden West. طريقة القتال الأساسية لا تختلف لدرجة أنه يمكن لعب الجزئين دون التمييز بينهما من هذه الناحية. وجدت نفسي من ناحية أقوم بتكرار ما كنت أقوم به في Zero Dawn وتركتني اللعبة أريد المزيد، ولكنها لم توفره سوى بالطاقات الخاصة التي ركزت فيها على واحدة طوال اللعبة وهو الدرع الإضافي.

في المقابل تمت إضافة أدوات جديدة مع الطائرة الشراعية وقناع الغوص، لكنها تساعد أكثر على تطوير التنقل بدلاً من تطوير القتال. فيمكن القفز من التلال العالية للوصول إلى المناطق بشكل أسرع باستخدام الطائرة الشراعية. من ناحية التنقل فأنها أضافت الكثير، فأتذكر أوقات في الجزء السابق حيث كنت أريد الوصول إلى مخيم الأعداء أسفل التل الذي كنت عليه، واضطررت لأخذ طريق طويل للوصول له. ففعلاً قد أحسست بأهمية الطائرة الشراعية في التنقل مع هذا الجزء.

الغوص من ناحية أخرى لم يكن بالمستوى الذي توقعته بعد رؤية عروض اللعبة. فالغوص يتيح فعلاً أسلوب تنقل جديد في العالم، ولكنه مقصور لأماكن معينة مركزة على حل الألغاز البيئية بدلاً من الاستكشاف. بالرغم من جمال المناظر تحت الماء إلا أنه ليس هناك الكثير للقيام به بهذه المناطق، وللغوص قدر أهمية أقل مما تقدمه الطائرة الشراعية في اللعبة.

فخ الأنشطة الجانبية من الطراز الخاطئ:

“لقد وقعنا في الفخ” لم يقلها مرجان أحمد مرجان بطريقة صحيحة، فسأقولها نيابةً عنه لوصف بلايستيشن مع طريقة تصميم أنشطة Horizon Forbidden West. هذا فخ أتمنى أن تجِدَ بلايستيشن مخرَجاً منه.

دعوني أطرح سؤالاً. كيف لمهمة جانبية لجمع حشرات اليعسوب أو السحالي أن تُطرح بطريقة تجعلها ممتعة ومميزة في لعبةThe Legend of Zelda: Breath of The Wild، ولكن مهمة جانبية مليئة بالأكشن بهجمات من مجموعات من الآلات يجعلها بمستوى أقل بكثير بالمقارنة في Horizon Forbidden West. كيف لهذا أن يحدُث؟ كله يعتمد على السياق أعزتي. ولأُطمئِنُكُم، هذه أول وآخر مقارنة مع Breath of the Wild في هذه المقالة.

من أكثر المهام الجانبية البارزة في Horizon Forbidden West هي التي تجعلني متعلقاً بالشخصيات والسياق الذي أخوض فيه هذه التجربة، بدلاً من نوعية أسلوب اللعب أو القتال لهذه المهمة الجانبية. فعلى سبيل المثال هناك مهمة جانبية لمساعدة أُخت لإرجاع شقيقها بعد محاولته إتمام تحدي مربوط بقبيلته، بالرغم من ضُعفِه جسدياً لإتمامها لوحده. ويصبح على Aloy الذهاب لطرف الجبل الذي يقع فيه هذا التحدي وتسلقه للبحث عن الأخ. تتحارب خلال هذه المهمة الجانبية بعدد من الآلات وتنتهي بآلة جديدة لم ترها من قبل، ولكن ليس هذا ما يميزها بالنسبة لي؛ فما جعل القتال الأخير ضد الآلة الثلجية بأعلى الجبل مميزاً هو سياق هذه التجربة. خوض مغامرة مصغرة مع أخ يُريد إثبات نفسه، ليس من أجل الآخرين بل من أجل نفسه، فبالرغم من تلاسُن الآخرين عليه فهو يقوم بهذا التحدي ليس فقط ليثبت للآخرين خطئهم، بل ليثبت لنفسه بأنه قادر على ما يُريد مهما كان كلام الآخرين. هذا السياق وربطه بما تفعله في المهمة الجانبية أمر مهم جداً لإعطاء المغزى من إتمام هذه المهمة وجعلها خالدة في ذاكرتك بعد ساعات من اللعب المطول.

ولِأُقدم مثالاً أفضل، هناك مهمة لتوصيل نوع من الزهور من امرأة بقبيلة الصحراء من الـ Tenakth إلى رجُل بقبيلة الـ Utaru على بُعد مسافة طويلة. أسلوب اللعب في هذه المهمة هو الانتقال من مكان إلى مكان آخر فقط. لا توجد أي آلات للقضاء عليها أو أي مواد لإرجاعها، إلا انها مهمة جانبية تتذكرها وتتميز عن غيرها بسبب مجموعة الحوارات. السياق هنا بأن قصة الحب بين الشخصين نشأت في فترة كانت فيها الحروب قائمة بين هذه القبائل، وتعلُق الشخص بنوع الزهور الذي دام طوال فترة حياته بالرغم من البُعد، هذه تجعلك تتذكر ما قمت به بالرغم من بساطته. ولكن حتى مع هذه المهمة فأنها ليست بالمتعة التي ممكن أن تكون عليه بسبب المسافة الطويلة التي عليك الانتقال فيها بسبب حجم العالم الذي أثر على مدى قوة هذه المهمة.

لذا فهناك عدداً من الأنشطة الجانبية التي تتميز عن غيرها، ولكن هناك تركيز أكبر على زيادة عدد هذه الأنشطة مع تقديم مهام متكررة مكونة من الانتقال إلى منطقة ما للقضاء على الآلات وإرجاع بعض الموارد لغرض أو لآخر. تندمج جميع هذه الأنشطة ببعضها بعد قضاء أكثر من 70 ساعة في العالم، وتصبح وزناً ثقيلاً على اللعبة؛ فهي لا تضيف إلى الاستمتاع بالوقت في هذا العالم كما هو ممكن لو تم التركيز على جودة هذه الأنشطة بدلاً من ذلك. فالمهام الملفتة عبارة عن واحة وسط صحراء من الأنشطة العادية. ويعود هذا لكلامي عن القبائل التي كان ممكناً التركيز على اكتشاف طريقة حياتهم ضمن هذه المهام والأنشطة بدلاً من تعليقات Aloy التي تُصغِر من عادات هذه القبائل.

وداعاً الغرب المحظور:

أخيراً، تنجح هورايزون الغرب المحظور بإبقائي متشوقاً لخوض التجربة خصوصاً مع القصص التي يسردها العالم من ناحية القبائل الجديدة وأسلوب حياتهم. ولكن نفس العالم المفتوح من ناحية الخارطة هو أساس مشاكلي معها وسبب مللي من الانتقال أكثر في عالمها واستكشافها. أبقتني القصة الرئيسية مهتماً بمعرفة المزيد طول الوقت، وأعجبتني بعض المغامرات التي تُقدمها المهام الجانبية. لكن هناك تركيز أكثر على تقديم أنشطة ومهام كثيرة مقابل صقل التجربة أكثر. يجب الاكتفاء بالمهام الجانبية التي تضيف أثر على اللاعب يدوم لساعات بعد إنهاءها. لحسن الحظ فأن أسلوب القتال مازال مميزاً بالرغم من عدم تقديم ما هو جديد مقارنةً بالجزء السابق، فكان ممتعاً التغيير بين أنواع الأسلحة وأنواع الذخيرة لتسريع عملية القضاء على الآلات بعد دراسة نقاط ضعفهم والاستيلاء على المواد المفيدة منهم.

بالأخذ بعين الاعتبار كل ما تقدمه Horizon Forbidden West فهي ليست بتطور كبير عن سابقتها، وليست أقل مستوى كذلك. بل هي ثابتة بنفس المستوى، وهنا تكمن المشكلة؛ فبهذا تعطي الانطباع بأن Horizon Forbidden West خطوة للخلف مقارنة بـ Zero Dawn، ولكنها ليست كذلك فعلياً، بل لأننا رأينا ما تقدمه السلسلة سابقاً فأننا نتوقع المزيد. كنتُ أتمنى المزيد من Forbidden West ولكنها بالمقابل لم تُخيب ظني فهي لعبة جيدة جداً من نواحي عديدة. ولكن أُكرِر رسالتي مرة أخرى، هناك مجال مفتوح للتميز في عالم Horizon وعلى بلايستيشن الابتعاد عن قالب ألعابها الحالية والتركيز على جوانب قوة ونقاط التميز في سلاسلها الكبيرة مستقبلاً. فإن ثَبَتَ الجزء الثالث من سلسلة Horizon على نفس المستوى وإن كان جيداً، لن يكون كافياً لإبعاد الملل في المرة القادمة ولن يفيدها تشابهها مع 4 ألعاب أخرى بأسطولها.

علي الساهي

كاتب مهتم بعالم الألعاب والترفيه الواسع، أحب نشر شغف الألعاب مع الآخرين من خلال المقالات والنقاشات والمراجعات. لا أقتصر على ماهو جديد فقط بل أحب التعمق في الماضي وتجربة ما فات. الاستمتاع بما أقدمه هو غايتي.
زر الذهاب إلى الأعلى