مقالات

مقال: ريميك The Last of Us يبرز تحجر عقلية إدارة بلايستيشن الجديدة

"اللعب بلا حدود" ضمن المقبول فقط

لست غريباً على انتقاد سوني مؤخراً بعد العديد من التصريحات والأخبار التي لا تصب في صالح اللاعبين بتاتاً، فقد ذهبت أيام شعار “من أجل اللاعبين” بجيل بلايستيشن 4، أما شعار “اللعب بلا حدود” ليس مجرد جملة لا تطابق فكرة إدارة بلايستيشن الجديدة. رئيس بلايستيشن Jim Ryan الاسم الذي بدأ العديد من لاعبي بلايستيشن بكرهه منذ تصريحاته القديمة حول الألعاب والأجهزة، ومنذ توليه رئاسة الشركة اصبحنا نرى بعض القرارات الجديدة لا تطابق فكرة لاعب بلايستيشن المخضرم.

أجدد هذه التقارير قد جاء بالأمس حيث تبين بأن ريميك جديد للعبة The Last of Us الأولى كان قيد التطوير في مكاتب مطورين جدد بمدينة سانتا مونيكا الأمريكية، قبل أن تقوم سوني بعدم الاهتمام بهم وسحب المشروع منهم لإعطائه لفريق Naughty Dog للعمل على هذا الريميك المزعوم. بينما بين التقرير كذلك بأن إدارة بلايستيشن قد رفضت عرض استوديو Bend لتطوير جزء ثاني للعبة Days Gone بالرغم من نجاح اللعبة تجارياً، ولكن بسبب اختلاط وتفاوت آراء اللاعبين حول Days Gone قررت سوني عدم القبول بالفكرة. هذه آجدد الأمثلة على رفض بلايستيشن لإعطاء الفرصة لفريقين يريدوا ابراز ابداعاتهم ولكن جواب سوني هو الرفض وسحب الفرصة من بين أيديهم. أين هي الشركة التي كانت تعطي الفرص لجميع المطورين لإبراز ابداعاتهم والذي كان ظاهراً عندما كان Shawn Layden مستلماً شارة القيادة ومتحدثاً إلى جمهور بلايستيشن عبر معرض PSX؟

 

 

التفكير الإداري البحت يتغلب على شغف الصناعة:

مشكلة سوني في الآونة الأخيرة هي تغير التوجه الإداري للتركيز على المشاريع التي تبيع الملايين وتكسر الأرقام القياسية، هذا الغرور الذي أتى من بعد زيادة شريحة لاعبي بلايستيشن ومبيعات ألعاب الطرف الأولى التي درت عليهم بالملايين، بينما نسوا بدايتهم مع جيل بلايستيشن 4 والسبب الأكبر الذي جعل شريحة اللاعبين يتوجهون لمنصتهم بسبب دعمهم للمشاريع الصغيرة سواءً من المطورين المستقلين أو حتى من مطوري بلايستيشن باستوديوهات اليابان وغيرها، فلا ننسى بأن تجارب كـ God of War ما كانت لتصبح حقيقة مع طريقة تفكير إدارة بلايستيشن الحالية.

الإدارة القديمة كانت تحاول جذب اللاعبين بما يحبه اللاعبين؛ مما جعل شعار “من أجل اللاعبين” حقيقة تامة على عكس شعار “اللعب بلا حدود” الحالي. فقد رأينا تمويل سوني لمشاريع صغيرة مع نهاية جيل بلايستيشن 3 وبداية جيل بلايستيشن 4 لألعاب كـ Pupeteer و Gravity Rush 2 و The Order 1886 و Knack II و حتى Horizon: Zero Dawn او God of War، كل هذه الأمثلة لألعاب لم تكن لتحدث مع عقلية إدارة بلايستيشن المتحجرة حالياً. فالجزء الثاني من Gravity Rush لم يكن ليحدث إن ركزت بلايستيشن على مبيعات الجزء الأول والذي كان حصرياً لجهاز بلايستيشن فيتا الذي لم يكن ناجحاً وقتها، و God of War الجديدة لم تكن لتحصل لو أن بلايستيشن ركزت على الاستقبال السيء والمتوسط الذي حظى به الجزء السابق من السلسلة God of War: Ascension على بلايستيشن 3، و Horizon: Zero Dawn كان مشروع جريء باستوديو ليس لديه خبرة بهذا النوع من الألعاب ولم يكن الاستقبال للعبتهم السابقة Killzone: Shadow Fall إيجابياً. ولكن بسبب المخاطرة والتركيز على الألعاب لجعل شريحة لاعبي بلايستيشن فرحة بالجهاز الذي يمتلكونه، بادرت سوني بهذه المخاطرات وركزت على تقديم جودة عالية بألعابها مما أدى إلى نجاحها بالمقابل.

التوجه الجديد عكس ذلك تماماً بما يبدوا الينا من قرارات وتصريحات، فقد كانت أشهر تصريحات Jim Ryan رئيس شركة بلايستيشن بأن “ألعاب Gran Turismo و Gran Turismo 2 تبدوا كألعاب من العصر الحجري وبأنه لا يصدق بأن هناك من ما زال يلعب هذه الألعاب القديمة”. تصريح يتناسب مع قرار إغلاق متاجر بلايستيشن الرقمية لأجهزة بلايستيشن فيتا و بلايستيشن 3. فكيف لرئيس لا يُقدِر “تاريخ” و “عراقة” محتوى شركته بأن يتخذ قرارات سوى لما هو قادم فقط ناسياً بأن ما هي عليه بلايستيشن الآن نتيجة لما كانت عليه بلايستيشن سابقاً “في العصر الحجري”. ولكن تنعكس أيضاً العقلية المتحجرة إلى خدمات بلايستيشن كذلك التي لا تخدم اللاعبين، فخدمة PlayStation Now التي كانت من الممكن أن تكون منافساً قوياً لخدمة Xbox Game Pass، ليست سوى خدمة موجودة ومنسية بينما التركيز على انتاج ألعاب “ضخمة وكبيرة تعجب اللاعبين” هي التوجه الرئيسي، بينما الألعاب القديمة ليست مهمة وحتى إن كانت هي لعبة صدرت قبل 3 سنوات فقط أو حتى ألعاب الطرف الثالث الجديدة التي تتوفر بعضها لمشتركي Xbox Game Pass مع اشتراكهم بالخدمة ليبقوا اللاعبين مشغولين باللعب بدلاً من انتظار “الإصدارات الضخمة”.

 

الضرر الناجم من التركيز على الجودة مقابل تنويع المحتوى:

هذا التوجه ضار جداً لشركة أصابها الغرور من مبيعات أكبر ألعابها، وقد نست بأن التجارب الصغيرة والفريدة هي التي تبقي اللاعبين على جهازهم بينما يقومون المطورون بتطوير التجارب الكبيرة، فلا يريد اللاعبين أن يلعبوا لعبة “ضخمة” تدوم لـ 60 ساعة ثم ينتظرون عام كامل للعب اللعبة الضخمة الجديدة. فقد تكون هذه التجربة التي تراها سوني بأنها ضخمة وستحقق مبيعات بالملايين لن تكون التجربة التي تعجب اللاعبين ويتكرر سيناريو The Order 1886 و Days Gone؟ فلماذا لا يتم إعطاء الفرصة للمطورين لتنقيح مهاراتهم مع الجزء الثاني وتقديم تجربة أفضل؟ فهذه الخبرة في العمل على الجزء الأول هي ما ستوصل إلى جزء ثاني أكثر تميزاً وليس العمل على مشروع جديد بالكامل. كما أن اعطاء ريميك The Last of Us إلى Naughty Dog ليس مفرحاً لي كشخص أحب ألعاب هذا الاستوديو؛ فهي لعبة جديدة جداً لا تحتاج لريميك عندما بإمكاني لعبها على جهاز بلايستيشن 5 دون مشاكل، بعكس ريميك Demon’s Souls للعبة على جهاز بلايستيشن 3 وبسبب قرارات سوني لست قادراً على لعبها على أجهزتي الجديدة مما يتطلب ريميك جديد لها مع PS5. كما أن تقييد Naughty Dog بالعمل على مشروع قديم قد عملوا عليه سابقاً لن يسبب سوى إضاعة للفرص للحصول على عناوين جديدة منهم تقدم خبرتهم الكبيرة والرائعة إلينا لأساليب لعب جديدة ومبتكرة. فما جعل Naughty Dog مميزاً هو التركيز على سلسلة جديدة مع كل جهاز بلايستيشن بدءاً مع Crash Bandicoot إلى Jak & Daxter وثم Uncharted و The Last of Us، كلاعب بلايستيشن أريد أن أرى الأسم الجديد الذ سيقدمونه مع بلايستيشن 5 بدلاً من ريميك للعبة جديدة.

هناك فرق بين التركيز على الجودة مقابل الكمية، وبين إدارة المشاريع لمستويات مختلفة بحسب الخطورة ليكون التمويل لتنويع المحتوى ممكناً. فقد يكون تخصيص ميزانية ضخمة لريميك The Last of Us أكثر فشلاً من ناحية تجارية بمقابل تطوير لعبة جديدة من Naughty Dog وتمويل 3 مشاريع صغيرة بنفس الميزانية. فماذا لو لم يقم الكثير بشراء The Last of Us Remake بسبب إمكانيتهم للعب النسخة الأصلية على جهازهم الجديد ولا يرون أي سبب للعب نسخة جديدة تضيف بعض التحسينات؟ فسيكون قرار تمويل 4 مشاريع وتوزيع مبيعات الأربع ألعاب مربحاً أكثر بسبب كمية اللاعبين الذين سيقومون بشراء كافة هذه التجارب الجديدة والذي كلفت الشركة نفس الميزانية.

 

التجارب الجديدة والإبداعية أمتع من التجارب المتكررة الآمنة:

لن أكون مستغرباً لو تم إيقاف الدعم على لعبة Destruction All-Stars بعد أشهر من الآن بسبب عدم رؤية سوني للملايين من عائداتها، ولن يفاجئني لو لم نرى Astro Bot بلعبة جديدة على بلايستيشن 5 او جهاز VR القادم. فيبدو بأن اهتمام سوني الحالي هو بألعاب تبيع 5 ملايين نسخة وتحقق تقييمات 9.0 وأعلى فقط، بينما أي شيء آخر لم يعد مهماً.

ما جعلني أركز على جهاز بلايستيشن 4 هو تنوع المشاريع القادمة من بلايستيشن فكانت كل من Knack و The Order 1886 و Bloodborne وحتى Killzone: Shadow Fall تجارب مختلفة عن بعضها حتى وإن كان بعضها لا يصل إلى نفس مستوى اللعبة الأخرى. ولكن إعطاء الفرصة للتطور وتقديم تجارب جديدة وإبداعية هو ما يُحسِن من المحتوى فعلى سبيل المثال Knack II أصلحت العديد من المشاكل التي كان اللاعبون يعانون منها في الجزء الأول، و Guerilla Games مع التوجه الجديد قدم لنا علامة تجارية جديدة بـ Horizon بسبب حصولهم على الفرصة لتحقيق ذلك. هذا ما أريده من بلايستيشن وهو التنويع في المحتوى فآجلاً أم عاجلاً سنمل من ألعاب المنظور الثالث القصصية التي تتشابه بالعديد من محتواها.

من منا لا يريد من سوني أن تقوم بتطوير لعبة JRPG جديدة على غرار ألعاب فاينل فانتسي، أو حتى الرجوع لعناوين قديمة وإحيائها كـ Legend of Dragoon، ومن منا لا يريد أن تقدم سوني ألعاب رياضية آركيدية أو ألعاب سباقات جديدة؟ هذا التنوع هو ما سيجلب للاعبين السعادة بدلاً من ريميك للعبة مازالت أسطورية من ناحية المحتوى والجودة.

سوني بتوجه مختلف عن مايريده اللاعبون:

للأسف فقرارات بلايستيشن الأخيرة تبعدنا عن طريق التنوع إلى طريق التركيز على المبيعات فقط، فقد غادر الكثيرون من استوديو بلايستيشن اليابان الي قدم العديد من التجارب الفريدة وتم إغلاق فريق التطوير هناك. ولم يعد بإمكاننا الرجوع لشراء بعض الألعاب القديمة للعبها على أجهزتنا الجديدة بسبب عدم دعم التوافق المسبق، ولن يمكننا الرجوع للعبها على الأجهزة الأصلية بسبب إغلاق طرق شرائها بشكل رسمي. كما أننا لن نحصل على فرق تطوير جديدة بسبب عدم اهتمام سوني بهم ومعاملتهم كأنهم ليسوا موجودين بحسب ما قرأنا من التقرير الجديد. وسيتم تقييد استوديوهات سوني الضخمة للعمل على مشاريع آمنة تدر الأموال كريميك The Last of Us بدلاً من تشغيل الإبداع وتقديم ألعاب وعوالم جديدة بالكامل.

عذراً بلايستيشن، ولكن “اللعب بلا حدود” مجرد جملة وليست مهمة الشركة. فاللاعبون مقيدون بما يمكن لعبهم بما تراه الشركة مناسبة فقط، والمطورون مقيدون للعمل على مشاريع محددة لا يمكنهم اختيارها بنفسهم، وأخيراً، الألعاب مقيدة لما تراه الشركة مناسباً للتطوير فقط.

علي الساهي

كاتب مهتم بعالم الألعاب والترفيه الواسع، أحب نشر شغف الألعاب مع الآخرين من خلال المقالات والنقاشات والمراجعات. لا أقتصر على ماهو جديد فقط بل أحب التعمق في الماضي وتجربة ما فات. الاستمتاع بما أقدمه هو غايتي.
زر الذهاب إلى الأعلى