بودكاست وفيديوهاتمقالات

خفايف ألعاب: توصيل رسائل وإجازة بعيداً عن الحضارة – Lake

السلام عليكم ويا هلا فيكم بحلقة جديدة من بودكاست خفايف ألعاب. وياكم علي الساهي، وبكلمكم في هذه الحلقة عن الإجازة القصيرة الي أخذتها لمدة أسبوعين عشان أروح أشتغل كساعي بريد في قرية نائية بوسط الطبيعة بولاية Oregon، وشلون تعرفت على أشخاص وبنيت علاقات وياهم خلال هالفترة البسيطة والي عطتني رؤية جديدة على الحياة… طبعاً كل هالكلام في لعبة Lake، وأتوقع انها أمنية لو أسوي شي مشابه على الواقع. من تطوف الثلاثين وتبدأ تحس بروتينية الحياة، فتبي لو انك تتخلى عن الحضارة ومشاغل الحياة وملل الدوام، عشان تروح لمكان بعيد وتنسى كل الي في بالك وتخلي كل شي وراك حتى لو لفترة معينة وتعيش حياة مختلفة. وهذا بالضبط الي كنت أبيه في هالفترة والي توفره لعبة Lake، فعلى الأقل أسوي هالشي رقمياً. ويقولون الألعاب مامنها فايدة. المهم، عن المقدمات.

في Lake انت تعيش بحياة Meredith الي في منتصف الثلاثينيات من عمرها وتشتغل كمطورة لبرنامج اسمه Addit 87، وهو برنامج لتنظيم الوقت بينزل في سنة 1987. فتبدأ اللعبة على نهاية تطوير البرنامج في 1986 وهو جاهز للبيع بس للحين مابينزل للسوق. فـ Meredith تقرر انها تأخذ إجازة لمدة أسبوعين وترجع للقرية الي عاشت فيها طفولتها قبل ما تسافر للدراسة وتعيش في المدينة بوسط الحضارة المتطورة. فترجع لبيت طفولتها وتشتغل كساعية بريد مكان أبوها الي تقاعد من البريد وراح إجازة ويا أمها إلى فلوريدا، فتاخذ هالوظيفة لاسبوعين كطريقة للراحة. وهني تبدأ اللعبة الي اهي عبارة عن مغامرة بنفس طبيعة لعبة Life is Strange مثلاً لكن ويا وظيفة توصيل. فاذا كانت Life Is Strange قصة لحياة مراهِقة وتطور شخصيتها وعلاقاتها خلال هالفترة العُمرية، فـ Lake موجهة للشياب الي طافوا الثلاثين ويبون يعيشون حياة جديدة بعيداً عن مشاغل حياتهم اليومية المُملة. وبما ان أغلب المستمعين للبودكاست في الفئة العمرية من 35 إلى 44 سنة، فبقولكم الحال من بعضه وأعرف اننا كلنا على الأقل فكرنا بشيء مشابه في فترة من الفترات وسهل اننا نتعلق بهالشخصية الي تمثل فئتنا العُمرية.

السبب الي خلاني أبي ألعب Lake ماكان الشخصية ولا القصة، لأني كنت أعرف انها لعبة خفيفة توصل فيها البريد في منطقة صغيرة بوسط الطبيعة والبيوت الي تحيط بالبُحيرة الي في هالمنطقة. فأساساً أنا ماكنت أعرف طبيعة قصة اللعبة، وكنت اصلاً أبي ألعبها كمهرب من الضغوطات الحقيقة في هالفترة. فكنت أبي ألعب لعبة كساعي بريد وأوصل طرود، وتفاجأت ان فكرة القصة تناسب تماماً ويا الحالة الي قاعد أشعر فيها حالياً، والقصة متحورة اساساً على هالفكرة وهالشعور.

Lake كلعبة تنقسم لنوعين قيمبلاي. الفترة الأولى من اليوم، والي تستمر لمدة أسبوعين، تشتغل فيها يومياً ماعدا الأحد. تستلم قائمة بالبيوت والمحلات الي لها طرود أو رسائل، وتركب في الحافلة وتروح للأماكن المطلوبة وتوصل لهم رسايلهم. فكرة بسيطة حدها، والقرية صغيرة وعدد بيوتها ومحلاتها قليلة، فاللعبة من هالجانب مريحة وخفيفة (لكن بتكلم أكثر عن القيمبلاي بعدين). والنوع الثاني من القيمبلاي هو للحوارات مع الشخصيات. بين الأشخاص الي كنت تعرفهم من الطفولة ومازالوا عايشين في هالقرية الصغيرة، وبين الناس الي تلتقيهم أول مرة لما توصل طرودهم. وبما ان القرية صغيرة فالكل يعرف بعض. وهني جانب الحوارات والعلاقات في اللعبة.

ماكنت متوقع اني بتعلق بالشخصيات بالدرجة الي وصلت لها، لكن من بداية اللعبة وويا طبيعة فكرة اللعبة مثل ماقلت، فالحوارات صايرة واقعية ومادري لكن عقلانية يمكن، أو Mature. وهالشي جاي بسبب عُمر الشخصية، فمثلاً Life is Strange حتى ولو انها عجبتني، لكن في حوارات أو تصرفات انت كشخص أكبر سناً من شخصية اللعبة تشوفها تصرفات طفولية ودراما مدارس، فلما يجي اختيار الحوارات الي حاطينها لك، مو بالسهولة بتتعلق وياها وتختار بينها، لأنك انت كشخص بالغ ما بتفكر بنفس طريقة تفكير شخصية اللعبة المراهِقة. أما هني ماعرف، يمكن اذا خليت شخص ببداية العشرين يلعبها بيصيده نفس البُعد عن الشخصية الي انا حسيتها وأنا ألعب Life is Strange. لكن في Lake قدرت أتعلق بالحوارات، خلتني أفكر بطريقة معاملة الناس والردود الي أنا شخصياً أبي اسمعها من الناس، أو أبي أقولها واقعياً لما يتكلمون عن أمور خاصة، وضغوطات شخصية تضايق الشخص. وهذا الجزء الي ماكنت متوقعه من Lake، اني بسمع هالشخصيات والأهم اني بحرص أو اكترث للأشياء الي تضايقهم وأبي أعدل مزاجهم و Relatable. وحتى انه في أيام مع ان الشخصية الي توصل لها الطرد يمكن ثالث مرة تشوفها في اللعبة، بس طريقة كلامها في هالمرة الثالثة تحس انه في شي على بالها ومو على طبيعتها. وهني خيارات الحوارات تحدد اذا انت تبي تتدخل في حياتهم الشخصية، ولا تبي تسوي شغلك كساعي بريد وما تتدخل في أمور انت مالك دخل فيها وتواصل يومك بدون ما تسمع شي من أحد سوى السلام عليكم وعليكم السلام. أو حتى تختار من الأشخاص الي بتعطيها جزء من وقتك وتفكيرك ويمكن أشخاص ثانيين انت مو مهتم انك تعرف عنهم أكثر فتختلف معاملتك وردودك عليهم.

يعني بالنسبة لي شخصياً، يمكن شخصيتين أو ثلاث بس الي ماكنت مهتم اني أتدخل بحياتهم، ومو مهتم اني أعرف أكثر عنهم. أما الباقي فكانوا مهمين بالنسبة لي وهالشي يرجع لان الكتابة جيدة، سواءً كتابة الحوارات، أو مشاكل هذه الشخصيات أو حتى الردود الي تجي من شخصيتك. فلما كنت أشوف هالشي في عالم اللعبة، كنت أتخيل الحياة بالصورة الي انا ابيها تكون، وكنت أعكس الردود الي انا ابي اسمعها من الأشخاص لو أنا كنت في مثل هالحالة. والمهم، ان هاللعبة الي أنا كنت أبيها مهرب من الضغوطات، خلتني أواجه أشياء انا كنت أبي أبتعد عنها، فكانت Cathartic من ناحية.

لكن تظل Lake لعبة، واللعبة برمجيات وخيارات وعواقب مُحددة مُسبقاً. فعاجلاً أو آجلاً بتبدأ تشوف المحدودية، وبتنكسر الواقعية الي كنت تحسها. وهالنقطة بالنسبة لي كانت في الأربع أيام الأخيرة من الاجازة. لأن الجزء الأفضل من اللعبة هو لما تبدأ تتعرف على الأشخاص وتكون العلاقات، وحتى بنص اللعبة لما تكتشف الضغوطات الي يواجهونها وتتدخل في حل هالضغوطات. أما نهاية اللعبة فيطيح هالجانب لأسوأ شي شفته في ألعاب الخيارات الصراحة. لأن بالنسبة لي حسيت بتجربة وحوارات واقعية في بداية ومنتصف اللعبة، واندمجت لدرجة خلتني أشوف هالشخصيات الرقمية كناس واقعيين، لكن النهاية تكون يا أبيض يا أسود ومافي شي بالوسط. وهني تحس بمحدودية تأثير الخيارات لأن النتيجة النهائية الي بتوصل لها ويا كل الشخصيات أو حتى تأثيرها على حياة Meredith نفسها، تقتصر على خيارين. فمن هالجانب خيبت ظني، لكن فعلياً هل في لعبة كانت بتوصل لطموحي بالواقعية الي كنت انا ابيها؟ ماعرف الصراحة؟ يمكن ويا تطور الـ Self learning AI أو اذا ChatGPT وصل لمكان خيالي وضافوه للألعاب. المستقبل غريب، وكلشي ممكن.

فكل هذا من جانب الحوارات. فشلون عن قيمبلاي توصيل البريد؟ بكل صراحة، حده Serviceable ومايسوي إلا الحد الأدنى من الي مطلوب منه، فخيب ظني من هالناحية. كنت استمتع بأول أسبوع وأنا أوصل الرسايل، لكن بعدها بدأت أشوف النواقص. كان المفروض يكون أفضل من هالناحية، أو يكون متعوب عليه أكثر. هي اللعبة عموماً متواضعة بكل شي، طبعاً لأنها لعبة ايندي بميزانية قليلة وحتى عدد وخبرة قليلة من المطورين، فما أبي أني أعاملها معاملة خشنة. لكن كنت أبيها تكون أفضل من هالناحية وفي بالي أشياء أتخيل انها كانت بتساعد. أولها بما ان القرية صغيرة وفيها عدد قليل من البيوت والمحلات، فالمفروض ان الخارطة المصغرة ما تكون موجودة في اللعبة، وزين انه في خيار عشان تشيلها، لكن شخصياً ما أتوقع انه كان خيار موفق انهم يحطون mini-map و GPS. أولاً لأن اللعبة في 1986، وثانياً لأن منطقة اللعب صغيرة وهي جوهر التجربة والدافع ورى زيارة الشخصية الرئيسية للمكان، فخلني أهتم بالمناطق الي في اللعبة بأني احفظها، وحط لي معالم تميز منطقة عن الثانية. عشان لما استلم قائمة التوصيلات ببداية اليوم، بس اقرأ عنوان البيت واسم الشارع وعلى طول أعرف المكان المطلوب، او اذا ضعت فأدخل أشوف الخارطة الورقية، الي المفروض تكون محدودة بانها تعرض اسامي الشوارع بس، بدل ماهي عليه في اللعبة بانه يطلع عليها ايقونات وكل يوم تتجدد وتقولك وين مكان التوصيلات بالضبط. وهالتغيير كان راح يساعد أكثر بالتعلق بالقرية نفسها؛ اذا كان فيها معالم تهتم فيها انت كلاعب وتذكرك باماكن وجود بعض البيوت. وهالشي فعلاً موجود لعدة محلات في اللعبة، فأعرف بالضبط مكان الشخص الي يصيد السمك، ومكان الحطاب ومكان محل الفيديو. فاللعبة تنجح من هالناحية للأماكن المهمة، لكن باقي بيوت السكن فكانت تحتاج اهتمام أكثر عشان تحسن هالجزء من القيمبلاي وتضيف عُمق أكبر لجانب التوصيل والتعلق بالقرية كشخصية حالها حال باقي الشخصيات.

فممكن أشوف ان البعض يتملل من جانب التوصيل ويبي يروح لأجزاء القصة والحوارات أسرع لأن هذا الي صار لي بنص الأسبوع الثاني. وبالنسبة لي كنت أبي أجزاء التوصيل من الأساس قبل ما أعرف طبيعة اللعبة، فالقصة والحوارات كانت شي جانبي شدتني اللعبة لها أكثر من التجربة. فأحس ان Lake منقسمة لشيئين وماتربطهم بجودة عشان تخلي الي يلعب يندمج ويا الجانبين من اللعب. أتفهم ان تركيز المطورين كان على أجزاء الحوارات، لكن كان في فرصة ذهبية انهم يقدمون الشيئين بصورة تخليك تقول انها ممتازة بالجزئيتين، بدل من اني أوصل لنهاية الأسبوع الثاني وأنا متملل من جزئية التوصيل لأنه ما يتطور ولا يجذبني بالشكل المطلوب.

Lake عموماً لعبة متواضعة من كل النواحي ماعدا الحوارات. يعني القرافيكس بسيط، وأنا شخص ما أهتم بقرافيكس الألعاب، لكن بعد كان ممكن انها تختار تصميم بصري يميزها شكلياً، لأنها تفقد هوية بصرية. وبعض التمثيل الصوتي رديء من ناحية انها ماتخليك تحس ان الحوار متواصل بشكل طبيعي، وتحس ان التسجيل مختلف بين الجملتين، وهالشي يأخذك خارج جو الاندماج. وتكلمت عن قيمبلاي التوصيل. وبتحصل أخطاء تقنية مثل لما توقف الحافلة على الرصيف وتجي سيارة وراك وتوقف فما بتتحرك نهائياً حتى لما تشيل سيارتك وتروح لمكان ثاني، بترجع لهالمكان وبتشوف زحمة طويلة لأن السيارة الي كانت وراك وقفت طول اليوم بمكانها والذكاء الاصطناعي ماعرف شلون يتصرف. أو بتوصل طرد لشخص وتشوفه قدامك لكن ماتقدر تكلمه إلا لما يكون بمكان محدد، فتمشي قدامه ولا كأنه يشوفك لحد يوصل لمكانه المطلوب. فمن نحاية بالرغم من هذا، بحيي المطورين لأن وصلت لي فكرتهم الي كانوا بقدمونها من هالتجربة ويمكن هذا أهم من انها تتقن باقي الأجزاء، لكن من ناحية ثانية، صعب اني أقنع أحد يلعبها إلا اذا مستعد يتغاضى عن المشاكل الي تجي من محدودية الجودة والخبرة، وتركزون على المحتوى نفسه والرسالة الي تبي توصلها اللعبة، وانتون تدمجون روحكم بالمحتوى المُقدم. يعني أقولكم الصراحة، أحس اني أعرف شعور المطورين، لأن Lake تذكرني بخفايف ألعاب. عندي الأفكار والمحتوى، لكن افتقد الخبرة والجودة والموارد عشان أقدر أقدمها بالمستوى الي أطمح له في بالي.

لكن كنهاية، أعرف اني اندمجت ويا Lake والي تقدمه لأني تغاضيت عن وايد أشياء، ومايعني انها مو موجودة، لأني ذكرتها خلال هالحلقة. وكتجربة قصيرة، ما أمانع وقتي الي قضيته في اللعبة لأنها قدرت تجذبني بالرغم من تواضعها. وهذا الأهم بالنسبة لي كتجربة. وكانت هذه حلقة اليوم. كان وياكم علي الساهي ومع السلامة.

علي الساهي

كاتب مهتم بعالم الألعاب والترفيه الواسع، أحب نشر شغف الألعاب مع الآخرين من خلال المقالات والنقاشات والمراجعات. لا أقتصر على ماهو جديد فقط بل أحب التعمق في الماضي وتجربة ما فات. الاستمتاع بما أقدمه هو غايتي.
زر الذهاب إلى الأعلى